تركيا القريبة بالتاريخ البعيدة بالجغرافيا (9)

مررت بعدة قرى كــ taskiran و sarahan و acipinar و عدة مدن اخرى يصعب حفظ أسماءها، الطريق آمن وبه حركة كبيرة ويحتوي جميع المرافق فكنت أتوقف كل عشر كيلومترات بقرية أو محطة بنزين للراحة او الغداء أو الصلاة.
انطلقت متأخرا من اكسراي على غير عادتي بسبب قلة نومي البارحة، عبرت كل مدينة اكسراي لاصل الى مفترق يمكنني من خلاله الاتجاه نحو كابادوكيا، ما شدني في مدينة اكسراي كثرة حدائقها وتماثيلها.

التقطت صورة لتمثال سلطان عثماني يسمى الفتى عصمان Genç Osman فاتح بغداد ويعتبر من ابرز القادة في الجيش الانكشاري، لم يعش طويلا حيث ولد سنة 1604 وتوفي سنة 1622 مقتولا بايدي عناصر من الجيش الانكشاري عندما أراد اصلاح مؤسستهم في أعقاب فشل حملة غزو بولونيا،

هنالك تماثيل لنوعبة كلاب مخصصة للحراسة والرعي واشتهرت بها المنطقة وتسمى mastiff d anatolie ، هذه الفصيلة معروفة بضخامتها وقوتها البدنية و وفائها لصاحبها.

توجد ايضا الكثير من تماثيل الخيول لما للخيل من دور هام في الفلاحة والحروب والدفاع عن السلطنة.

الطريق نحو كبدوكيا كثيف الحركة وبه اشغال وضيق مقارنة باهميته، الجيد وجود عدة استراحات متباعدة للتزود بالماء والطعام، بعض الاستراحات تذكرني بافلام رعاة البقر، فهي موجودة في منطقة خالية، قاحلة، جافة، لا ماء ولا كهرباء، لكنها تكون الملاذ لوجود الظلال والمرافق التي تحتويها.
على جانبي الطريق و على مد النظر توجد حقول للزراعات الكبرى والبقول ودوار الشمس والذرة، هذه الانشطة الفلاحية تجلب اليد العاملة الموسمية من خارج المقاطعة فتراهم متجمعين على اي نقطة مياه تحت خيمهم مع عائلاتهم وسياراتهم وحتى مواشيهم كما الحال عندنا في الساحل التونسي خلال موسم جني الزيتون.

الطريق مزدحم بالشاحنات وبدأت تظهر امامي شاحنات بارقام منجمية عربية وقد تكون سورية او عراقية او ايرانية، مررت بعدة قرى ومدن صغيرة و في احداها سالني تاجر عن عدم وجود العلم التركي مع العلم التونسي فوق دراجتي، لم ابدي مانعا من ذلك فاهداني علما كان معلقا في دكانه اخذ مكانه ايضا،متابع للرحلة سألني وماذا لو قالوا لك ولماذا تضع علمنا تحت علمك؟، هذا الامر وقع لي للاسف في دولة عربية سابقا.

في منتصف الطريق اعترضني ارمندو، دراج رحالة ايطالي في مثل عمري تقريبا ويقوم بجولة عبر اسيا منذ سنة لكن لم يمنح التأشيرة لدخول ايران.

لفت انتباهي في تركيا الاهتمام الكبير بتاريخهم فهذا المعلم مثلا جدد بالكامل لحمايته من السقوط.

كالعادة، بعد المغرب، علي اختيار مكان اقامتي واسعى ليكون آمنا ومؤنسا وبه جميع الضروريات كالماء والكهرباء والمصلى، نصبت خيمتي في فضاء ترفيهي باحدى محطات البنزين في مدينة Acigöl، عشائي كان تجربة جديدة نصحت بها وهي اللوبيا المعلبة، وجدتها لذيذة جدا.

هوامش

نصحت ايضا بالزبادي التركي واللبنة التركية فبدأت استهلكها يوميا، وأعجبني الزبادي المسوق في علب بلاستيكية.

شد انتباهي ايضا هذه الغلال والتي تذوقتها فوجدتها مرة.

معلومة قصيرة لمزيدا من المعرفة
الانكشارية هي قوات مشاة وفرسان من النخبة بالجيش العثماني، كان جيش الانكشارية هو جيش الدولة الرسمي حتى إلغائه في عام 1826م على يد السلطان العثماني محمود الثاني، تأسست قوات الانكشارية في عهد السلطان مراد الأول (1362-1389) وكان لهم تنظيم خاص بهم، بثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أقوى فرق الجيش العثماني وأكثرها نفوذاً، كان أفراد الانكشارية من أسرى الحروب من الغلمان اليتامى الذين يتم فصلهم عن أصولهم، ويتم تربيتهم تربية إسلامية، على أن يكون السلطان والدهم الروحي، وأن تكون الحرب صنعتهم الوحيدة، كانوا منارة الجيش العثماني لكن مع الوقت دب الفساد فيهم حتى اصبحوا عبئا على الدولة، يقتلون ويعزلون كل من لا يجاريهم سلطانا او وزيرا، فقضى عليهم السلطان محمود الثاني في واقعة شهيرة قتل منهم في يوم واحد اكثر من 6000 انكشاري.

يتبع …
بقلم
سمير بن يعقوب
دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران.
ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

كل اجزاء رحلة تركيا:
1  –  2  –  3  –  4  –  5  –  6  –  7  –  8  –  9  –  10  –  11  –  12  –  13  –  14  –  15  –  16  –  17  –  18  –  19  –  20

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.