اكتشاف الطلسم – ايران على الدراجة – الجزء 17 والاخير

انطلقت من شيراز الثامنة والنصف صباحا بالحافلة مصحوبا بدراجتي متوجها نحو العاصمة طهران، رحلة تدوم 16 ساعة ومن حسن الحظ ان الحافلة مريحة جدا اذ تتسع فقط لـ 24 راكبا، وكراسيها تتحول بسهولة الي شبه سرير، سلكت الحافلة نفس الطريق الذي قدمت منه. وصلت طهران قرابة منتصف الليل، كانت محطة الحافلات غير بعيدة عن ميدان ازاد، خرجت منها ابحث عن اي شئ آكله، كنت متعبا جدا وعند الواحدة نصبت خيمتي في حديقة صغيرة غير بعيدة عن احد الجسور،
استيقظت عند الساعة السادسة، جمعت امتعتي وخيمتي قبل طلوع الشمس فعلي التوجه الى مقر قناة العالم الناطقة بالعربية والتي تبعد قرابة 15 كم، منذ اسبوع اتصلت بي عبر البريد الالكتروني احدى المشرفات على برنامج صباحي مباشر، اتجهت بدراجتي نحو المدينة الاعلامية التي تضم جميع القنوات التلفزية والاذاعية، كان علي الحذر والتعامل بحكمة مع حركةً المرور الكثيفة التي تشهدها طهران كل صباح، وصلت مدخل المدينة الاعلامية المسيجة والمحروسة من طرف الشرطة والجيش بشكل لافت، بعد استظهاري بجواز سفري ونظرا لكبر مدينة الاعلام فقد اصطحبني احد الاعوان بسيارة ادارية الى حد مقر القناة، مداخلتي المباشرة دامت قرابة الربع ساعة تحدثت خلالها عن رحلتي عموما وايران خصوصا وعن تجاربي السابقة في مجال الترحال بالدراجة

إثر المقابلة التلفزية، قمت بجولة صغيرة في طهران ثم عدت لمحطة الحافلات فمنها سانطلق غدا مع حافلة اخرى نحو اسطنبول، مكثت في احد مطاعم المحطة لاقضي ما تبقى من اليوم لحين قدوم الليل حيث ساخيم في مكان قريب فالحافلة ستنطلق باكرا، اخيرا خيمت في حديقة المحطة.
الدخول الي ايران كان بتأشيرة الكترونية مع بطاقة عبور أمدتني بها السفارة الايرانية بتونس وفيها تم وضع ختم الدخول الى ايران عبر معبر بازركان، الختم يوضع بورقة العبور وليس بالجواز ونفس الحال صار عند المغادرة اي ان جوازي لا يحمل ختما يثبت دخولي وخروجي من ايران وذلك لكي لا يكون دخولي لايران سببا في حرماني من الحصول على تاشيرات دخول الى دول غربية اخرى، اروبا، امريكا، استراليا وحتى بعض الدول العربية وهذا مثل ما تفعله “اسرائيل” لزائريها من العرب ومن عدة دول اخرى، المرور عبر المعبر الحدودي الايراني التركي تطلب ثلاث ساعات من الوقت في طقس مغيم وممطر قضيتها منتظرا استكمال تفتيش الحافلة في المشرب الوحيد.، اجتزنا الحدود وفي تصوري ان التفتيشات انتهت بخروجنا من المعبر لكن وبعد بضع مئات من الامتار اعترضنا حاجز جمركي آخر، صعد عون وطلب من الركاب الاستظهار بالجواز وتحديدا صفحة طابع العبور، تم الامر بسرعة وانطلقنا، اعترضنا حاجز اخر بعد 150 كم وكان اكثر صرامة حيث طلب منا جميعا النزول مع الامتعة ثم وقع تفتيش الحافلة عن طريق كلب مدرب ثم فتشت امتعتنا ثم فتشنا نحن كاشخاص، كان مشهدا جديدا بالنسبة الي ولم اشاهده الا في الافلام البوليسية، كان التركيز اكثر على المسافرين الايرانيين والافغان، ما لاحظته خلال التفتيشات في المعبر وفي الحواجز الصرامة والحرفية الكبيرة، اغلب الاعوان بزي مدني مع بنية جسدية قوية ويحملون فقط شارة حمراء في العضد مكتبوب عليها “شارك جندرمة”.
انطلقت الحافلة من جديد وفي كل مرة تتوقف اما للأكل أو للتزود بالوقود، طاقم الحافلة يتكون من سائقين ومراقبين، بعد كل 300 او 400 كم يتم التناوب بحيث يخلد فريق للراحة والنوم وذلك باستعمال سرير داخل الحافلة واخر خارجي في صندوق ملاصق للامتعة ويمكن الدخول اليه من داخل الحافلة او من خارجها.
أوقفتنا هذه المرة فرقة جمارك اخرى وهذه المرة طالني التفتيش وبدقة وخصوصا حقائب دراجتي وحقيبة الظهر، سألوني عن السكين الموجودة في حقيبة الظهر، ماذا افعل بها؟، اخبرتهم اني رحالة وهذه سكين صغيرة وبها ملعقة وشوكة، اطبخ واكل باستعمالها، تساءلوا عن اللوحة الشمسية ايضا، عند كل عملية تفتيش يتواجد عون امن او عسكري بزي رسمي ومزود بسلاحه ويراقب الامر بدقة، اعجبت بعملهم الجدي فبمثل هؤلاء يقع حماية الوطن والمواطن، حرفية كبيرة وصرامة في تطبيق القانون.
وصلت اسطنبول الساعة السابعة صباحا وتحديدا بحي تقاسيم، علي الان البحث عن اقرب نزل لاقيم به الليلة حيث يتوجب علي تفكيك دراجتي ووضعها في كرتون حتى تكون جاهزة لطائرة يوم الغد للعودة الى تونس، اتممت العملية بغرفتي بالنزل بعد ان التقطت لنفسي ودراجتي آخر صورة لي بتركيا

اقلعت الطائرة في توقيتها الساعة 13:30 ووصلت مطار قرطاج بعد ساعتين، كان في انتظاري ثلة من الاصدقاء والمتابعين لرحلتي وكنت سعيدا جدا باستقبالهم الحافل لي

انتهت الرحلة

بقلم
سمير بن يعقوب دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران. ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.