تركيا القريبة بالتاريخ البعيدة بالجغرافيا (6)

من قرية حمزة لار Hamzalar من مقاطعة Karabuk اين قضيت ليلتي في مسجدها وفي ضيافة الامام Dursun Ozdemir مشكورا انطلقت صباحا في اتجاه العاصمة انقرة  والتي تبعد حوالي 200 كم.

انقشعت الغيوم والطقس جميل و مشمس، على جانبي الطريق تنتشر دكاكين كثيرة ومطاعم ومشاوي وعندما أتعب كنت استريح تحت شجرة مثمرة وهي منتشرة بكثرة في هذه المنطة وخصوصا التفاح والخوخ و“العوينة” و“حب ملوك” التوت البري دون ان ننسى حنفيات الماء العذب والبارد، اخذ من الغلال زادي والكمية التي احتاجها واواصل.

وجدت ذلك التفاح الرائع وباهض الثمن لدينا جولدن التركي وهو متوفر بكثرة على الطريق

 

كان غدائي اليوم مميزا وله نكهة خاصة فقد كان متكونا من شربة أرز ومرق باذنجان، الطعام التركي له ميزة رائعة فعلا

الطريق و رغم صعوبته و قساوته و انهاكه لي كان ممتعا جدا.

اصحاب محلات بيع الشاي ينادونني لشرب الشاي مجانا والجلوس معهم وتذوق الذرة اللذيذة والسكرية وهم يطبخونها في الماء عكسنا نحن في تونس حيث نشويها على النار

الريف التركي رائع فعلا بمناخه وطبيعته الخلابة

وتظهر النساء وخصوصا كبيرات السن بمظهر متشابه

لأهل الريف طرقا مبتكرة في تسويق منتجاتهم ومن جملة ما صورت طريقتهم في بيع البيض حيث يفتحون جانبا من القارورة ويضعون التبن ثم البيض ويعيدون شد الفتحة باللاصق المقوى ويعرضونها للبيع

أول شيء يشد من أقابل دراجتي المحملة والعلم الغريب الذي يشبه علمهم فتنطلق تلك الاسئلة التي تعودت بها اينما حللت.
لصعوبة التضاريس، ادركت انني لن اتجاوز الستين كيلومترا اليوم وان الوصول الي انقرة (150 كم) قد يتطلب مني اكثر من يوم آخر، قبيل المغرب قررت المبيت في اول محطة بنزين تعترضني ففي محطاتهم يتوفر الماء ومحل تجاري صغير ومصلى او مسجد كما يسمونه، استأذنت صاحب المحطة للمبيت بالمسجد فرحب بذلك مسرورا، لم أتمكن من النوم الا بعد منتصف الليل لكثرة دخول وخروج المصلين من سواق الشاحنات وعلامات الاستغراب على وجوههم عند مشاهدتي.
صباحا، جمعت امتعتي ونشرت تدوينتي اليومية في وقتها المعتاد وتناولت افطارا بسيطا متكونا من بعض الفطائر المحشوة بالجبن والعسل قبيل الانطلاق نحو العاصمة انقرة التي يفصلني عنها قرابة  130 كم.

لا ادري هل اتمكن من الوصول الى انقرة في يومي هذا ام لا، الطقس رائع والنسيم بارد، سلكت الطريق الوطنية والتي يسمح للدراجات بالسير فوقها وهي تشبه الطريق السيارة عندنا لكن تمتاز عنها بالجودة والاتساع وكثرة حركة المرور

التضاريس هي نفسها تقريبا صعود وهبوط، صعود حاد اضطر لدفع دراجتي لمسافة خمس كيلومترات مثلا لأنزل بعدها نزولا سريعا لمسافة تصل تسع كيلومترات حيث تصل سرعتي في بعض الاحيان الى 50 كلم والمشهد يتكرر طوال اليوم.

غدائي اليوم كان متنوعا ويتكون من شربة عدس وأرز ولحم مشوي

كانت القوارير الفارغة والفضلات تملأ جانبي الطريق وهذه يرميها مستعملو الطريق كحالنا في تونس ووجدت الحال اتعس في بعض المناطق، لاحظت ان النظافة تنحصر في المدن الكبرى والمناطق السياحية أما باقي المدن فكأنني في تونس، الطبيعة بدأت تتغير فلم تعد هناك العيون الجارية والحنفيات العمومية المنتشرة سابقا في كل مكان، الغطاء النباتي للجبال اصبح اقل كثافة وعدد الاشجار قل كثيرا مع ظهور السهول،

القرى أصبحت متباعدة  اكثر فاكثر لتترك المكان للزراعات الكبرى. على طول المسافة التي قطعتها والمقدرة بــ 86 كم لم أجد اي دكان او متجر لاقتناء ما احتاجه ولم يكن هنالك الا محطتين للبنزين تفصلهما مسافة تقدر بـ  50 كم، كان الطقس حارا جدا مما أجبرني على استهلاك كل الماء الذي املكه، المحطة القادمة تبعد عني 30 كم.السيارات والشاحنات كانت تسير بسرعة جنونية ولم يتوقف اي شخص رغم محاولاتي .

القرى المتواجدة كانت بعيدة عن الطريق ولم اجد اي طريق يوصلني الى احدها فلم اغامر بمحاولة الوصول الى اي قرية وعلي الاسراع دون توقف ولو لدقائق قليلة، لاحت لي لافتة تعلمني بان المحطة القادمة على بعد خمس كيلومترات من الصعود والنزول فحمدت الله على كرمه.
أمكنني الوصول لهذه المحطة الساعة الثامنة ليلا بعد 12 ساعة من القيادة المتواصلة، كان يوما شاقا فعلا وبالنظر الى الخريطة فلم يعد يفصلني عن انقرة سوى 40 كم.

يتبع …
بقلم
سمير بن يعقوب
دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران.
ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

كل اجزاء رحلة تركيا:
1  –  2  –  3  –  4  –  5  –  6  –  7  –  8  –  9  –  10  –  11  –  12  –  13  –  14  –  15  –  16  –  17  –  18  –  19  –  20

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.