تركيا القريبة بالتاريخ البعيدة بالجغرافيا (8)

حزمت امتعتي وخرجت من مكان تخييمي بالمنتزه عند الثامنة صباحا ووجهتي مدينة اكسراي عبر الطريق انقرة – كونيا، كنت متأكدا أني لن ابلغ اكسراي لطول المسافة وسأكون مجبرا على المبيت قبل الوصول، الطريق منبسط ومستوي، محاط بالحقول وبه حركة كبيرة وتوجد محطة بنزين كل عشر كيلومترات تقريبا، وهذه المحطات هي متنفسي الوحيد للاستراحة والتزود بالماء والحديث مع الناس والتقرب منهم، دخلت محطة اعترضتني وفاجأني رجل يدخل ومعه اللفت السكري، بدأ يقطعه بالقرب مني فالتقطت له بعض الصور

ناولني بعضا منه لتذوقه، لأول مرة في حياتي اجرب طعمه، كان لذيذا فعلا

هنا في تركيا، الدعوة الى شرب الشاي هي المقدمة والمنطلق لكل الحوارات، فاذا دعاك شخص الى شرب الشاي فتأكد أنه يريد التعرف عليك ومعرفة سبب وجودك في بلدهم وطريقة تجوالك على الدراجة.
توقفت عند بائع متجول للفواكه الجافة، كانت وقفة لطيفة ارشدني الى الطريق وزودني بالماء والمكسرات مجانا وكل ذلك ببشاشة كبيرة فالاتراك عموما مرحين ولطفاء جدا.

التقطت صورا عفوية للبعض ممن تواجد لحظتها بكل حب وشكر وامتنان

واصلت طريقي تحت اشعة شمس حارة وحرارة ملتهبة، وصلت الى سبخة كبيرة ومشهورة لديهم تسمى Tuz oglu وبها مركبات تجارية وسياحية يؤمها آلاف الاتراك فالسير في هذه السبخة المليئة بالملح والوحل المالح مفيد للصحة وله فوائد طبية.

لاحظت تواجد قرابة 200 سيارة و اكثر من 800 زائر تركي قدموا للعلاج والتنزه والمشي لساعات في وحل هذه السبخة، توجد ايضا على اطرافها محلات كبيرة لشراء ما يلزم ومن هدايا تذكارية، انتهزت الفرصة للتجول عبر هذه السبخة بدراجتي والتقاط بعض الصور ومقاطع فيديو.

مساحة هذه السبخة 1500 كم مربعا وتمتد بين ثلاث ولايات: انقرة، اكسراي، كونيا وتنتج تقريبا 70% من الملح التركي وعلى جانبيها مصانع لتحويل الملح وتقع في وسط تركيا على علو 905 مترا على مستوى البحر.

من الاشياء الطريفة التي قابلتني شجرة الامنيات حيث يعلق الشخص ما يتمناه هلى هذه الشجرة.

واصلت طريقي عند الساعة الخامسة وكان علي مواصلة السير والبحث كالعادة عن مكان آمن للمبيت، على بعد 20 كم تقريبا لاح لي فضاء قررت تجربته.

كان الفضاء يضم عدة سيارات رحلات ويشتمل على مساحات خضراء والعاب للاطفال فسعدت فعلا بالتخييم به، قصدت المجموعة الصحية وغسلت ملابسي واستحممت فلي اسبوع دون استحمام، كان الفضاء يضم وقتها تظاهرة شبابية، ديسكو، مسابقات عدو وكثير من الانشطة الاخرى، ويشهد حركة كبيرة فمنهم من قدم بسيارة ومنهم من جاء بالحافلة ومن ضمنهم هواة تخييم.
كانت ملابسي تشبه ملابسهم وهي معدة للمشي و التخيم فدخلت ضمنهم لاعرف نشاطهم وسبب وجودهم، رايتهم مصطفين لتناول وجبة العشاء فاصطففت معهم ونلت معهم عشائي، بعدها حضرت معهم بعض الفقرات التنشيطية ولكن مع تعبي وضوضاءهم وهرجهم الشبابي هربت ونصبت خيمتي بعيدا عنهم لارتاح. صباحا، تناولت افطاري مع الشباب شاكرا لهم حسن تعاملهم

انطلقت في حدود الساعة الثامنة، كانت الطريق الى اكسراي مستوية ومنبسطة، على جانبها الايمن سبخة TUZ GOLU وعلى يسارها هضاب وسهول زراعات كبرى.

تصب سيول الامطار في البحيرة لتغذيها شتاءا بالمياه العذبة، ما شد انتباهي وجود عدة مزارع على بعد امتار من السبخة المالحة، مررت بعدة قرى كــ taskiran و sarahan و acipinar و عدة مدن اخرى يصعب حفظ أسماءها.

الطريق آمن وبه حركة كبيرة ويحتوي جميع المرافق فكنت أتوقف كل عشر كيلومترات بقرية أو محطة بنزين للراحة او الغداء أو الصلاة. يوجد امام كل حديقة منزل صالون صيفي يكون عادة تحت ظل اشجار العنب او غيرها وتتجمع تحته العائلة للشاي او الغداء.

كنت أبادر هذه العائلات بالسلام وفي كل مرة كانوا يدعونني لشرب الشاي، استجبت لدعوة عائلة خصوصا وأن الدعوة كانت من الجد والجدة وانا احب الحديث مع كبار السن ففيهم ارى والدي ووالدتي رحمهما الله.

عرفتهم بنفسي فقدموا لي الماء البارد والشاي والبطيخ وتجمع حولي اطفالهم وحتى قططهم واقترحوا علي المبيت والعشاء لكني اعتذرت لان الطريق مازال طويلا نحو اكسراي، كانوا سعداء وراحة البال تشملهم كبيرا وصغيرا.

في احدى محطات البنزين توقفت للصلاة و عند الانتهاء وجدت عائلة ايطالية قرب دراجتي فسالوني عن مسار رحلتي، أجبت عن كل اسئلتهم وعبروا عن فرحهم بلقائي، تبادلنا الصور وأمدوني ببعض النصائح بخصوص الطريق.
إعترضتني أكوام بذور دوار الشمس فالتقطت لها صورا…

بدأت أشاهد ملامح بعض السكان الاتراك الاسيوية كطاجكستان وأوزباكستان ويتكلمون التركية مع لغة اخرى في ما بينهم.
اكسراي هي مركز المحافظة وتضم تقريبا 250 الف ساكن، تعتمد اساسا على الفلاحة والسياحة، وصلت اكسراي بين المغرب والعشاء، قصدت اول مسجد اعترضني، ولم يأت اي احد لصلاة العشاء او الصبح، هذه الظاهرة الغريبة لاحظتها في تركيا، كثرة المساجد وقلة المصلين ولم اعرف سببا لهذا.

عشائي كان بسيطا جدا، خبزا وبطيخا، وهذه البطيخة عثرت عليها في طريقي والاكيد أنها سقطت من عربة فلاح أو تاجر.

هوامش

دراجتي

1 – الاكل وادوات الطبخ    2 – ادوات التخييم   3 – ادوات الكترونية، الة تصوير، شاشة لوحية …

 

4 – الادوات التي تستعمل دائما (هاتف جوال، شاحن، مكسرات …)، 5 – الشاحن الشمسي

6 – الملابس والأحذية.

يتبع …
بقلم
سمير بن يعقوب
دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران.
ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

كل اجزاء رحلة تركيا:
1  –  2  –  3  –  4  –  5  –  6  –  7  –  8  –  9  –  10  –  11  –  12  –  13  –  14  –  15  –  16  –  17  –  18  –  19  –  20

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.