اكتشاف الطلسم – ايران على الدراجة (7)

حال خروجي من مدينة تبريز وضجيجها وجدت نفسي امام خيارين، السير على الطريق السريعة نحو طهران او السير على طريق كله حفر واهتزازات مع حركة مرورية رهيبة، قررت دخول الطريق السريعة رغم علمي انها ممنوعة على مستعملي الدراجات، سلكتها فوجدت حالتها احسن كثيرا مقارنة بالطرق العادية رغم ان الصيانة تنقصها، سرت اربعين كيلومترا لاجد استراحة ومحطة بنزين وحيدة وفي حالة تعيسة، توقفت فيها للغداء والاستراحة

اغرب ما في الاكل شكل الخبز

بدأت الاحوال الجوية تتغير، رياح وسحب وبرق، أنا حاليا في مرتفع والطريق يشق الجبال، سحبت معطفي الواقي من المطر فقد احتاج اليه ثم استانفت المسير في طريق سريع به الكثير من حركة الشاحنات، في الطريق السيارةً دخلت نفقا اقدر طوله بخمس مائة مترا به انارة ضعيفة مع حركة مرورية كبيرة، به نقص في التهوئة مما يعني امتلاء الهواء بالغاز المنبعث من السيارات خالقا صعوبة في التنفس والرؤية، كان نفقا بعيدا جدا عن المعايير المتبعة. بعد العصر ثقبت عجلة الدراجة الخلفية، توقفت جانبا لاصلاحها

تصفحت ال gps لاعرف مساري وكم بقي امامي من الطريق قبل حلول الظلام، اول قرية كانت ATAJAN وتبعد عني 17 كلم وعلي الاسراع للوصول اليها قبل المغرب، وصلت الى المفترق، دخلت القرية وانا ادفع دراجتي

البيوت كلها مغلقة ولا احد فتح رغم قرعي للابواب، لاح لي متجر صغير وكان الوحيد بالقرية، كان به شاب فسرت له رحلتي و طلبت الاذن لتركيز خيمتي في اي مكان لقضاء الليلة، اخرجوا سيارتهم من المرآب وطلبوا مني نصب خيمتي داخله، جلبوا خيمتهم الكبيرة التي تتسع لخمسة اشخاص وفرشوها بكل ما يلزم ووضعوها تحت أمري، قدموا لي الماء واخبروني انهم سيزودوني بالعشاء عندما ينضج، كالعادة، تجمهر الجميع حولي، الام والجد والجدة والجيران والاطفال لمعرفة سر هذا الزائر الغريب بدراجته المحملة. استيقظت الساعة السادسة، نشرت تدوينتي اليومية وكنت مستعدا مع دراجتي للانطلاق، شكرت الجميع على استضافتي وانطلقت، الطقس بارد وهبوب نسمات شتوية يوحي بقرب نزول الامطار في منطقة تكسوها الثلوج شتاء، دخلت الطريق السيارة مجددا وكالعادة اعترضتني مرتفعات لمسافة طويلة

الطريق السيارة تشكو قلة الصيانة والتعهد مع قلة المرافق وان وجدت فهي لا ترتقي لمثلها بتونس او تركيا، هي تشبه طريقا جهويا في تونس او مسلكا فلاحيا في تركيا، بعد 35 كم اعترضتني علامة اشهارية تشير لاقترابي من محطة استراحة عزمت تناول الغداء بها، في البداية تصورتها محطة بنزين متكاملة بها متاجر ومجموعة صحية ومطاعم فاذا بها مطعم صغير ومتجر بمثابة مقهى، كل المبنى من الصفيح وركز بشكل فوضوي

تناولت الوجبة الوحيدة المقدمة أرز بالدجاج

انطلقت بعد ذلك لاكمل مسيري في مشهد مكرر وممل، لا قرى، لا تجمعات سكنية، لا شيء، الريح اصبحت قوية ولكنها في اتجاهي فساعدتني كثيرا، ملاذي الوحيد للاستراحة كان بالتوقف عند اي بائع متجول للغلال المجففة: تين، زبيب، مشمش.

لدى الباعة وجدت تينا صغيرا مجففا مثل حب الزيتون

ما رأيك في الصورة التالية؟، ليست زرابيا منشورة ولكنها غلالا مجففة …

أغلب الدكاكين تعتمد هذا التصميم …

وأحيانا تبدو كالمسجد …

رغم ان ايران دولة بترولية لكن الطوابير امام محطات البنزين لا تنقطع

اوقفتني دورية امنية خمنت مباشرة انهم سيطالبونني بالرحوع لان الطريق السيارة ممنوعة على الدراجات فاذا بهم يريدون التعرف علي والتقاط صورا معي. بعد العصر، بدأت اتصفح ال gpsلتحديد مكان وجودي فالقرى متباعدة واكثزها بعيد عن الطريق السيارة اليوم مغيم وكثير السحب مما يعني ان الظلام سيحل باكرا. أسرعت للوصول الى قرية “القو” والتي تبعد عن الطريق السيارة كيلومترين، دخلتها عبر طريق ترابي دافعا دراجتي حتى وصلت وسطها

اعترضني كهل طلبت منه ارشادي لمكان امن اخيم فيه، اخبرني ان كل القرية امنة ودعاني لاتبعه، ادخلني ساحة المدرسة الابتدائية وتحديدا لمكان مخصص لالعاب الاطفال

سالني عن طعامي وشرابي فشكرته واخبرته ان لدي كل ما احتاجه، شبكة الانترنات هنا لا تعمل ولا اعرف سبب ذلك. عموما كدت اصل طهران فالمسافة لم تعد طويلة.

يتبع …

بقلم
سمير بن يعقوب دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران. ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.