اكتشاف الطلسم – ايران على الدراجة (8)

جمعت امتعتي وغادرت القرية صباحا متجها نحو الطريق السيارة باحثا عمن يحملني مع دراجتي الى طهران لتجديد التاشيرة فموعد انتهائها قد اقترب فهو لا يتجاوز ثلاثة ايام، رغم اشاراتي المتعددة لم يتوقف احد والكل يسرع في هذا اليوم الممطر، تقدمت بدراجتي بضع كيلومترات فقد يكون مكان وقوفي غير مناسب

توقفت امامي شاحنة كبيرة معدة لحمل السيارات الجديدة ونزل منها سائقها متوجها الي بالانقليزية:”السلام عليكم، هل انت تونسي؟ ماذا تفعل هنا؟ الى اين انت ذاهب؟، هل احملك معي اذا كنت في طريقي فأنا ذاهب الى ميناء بندر عباس لاجلب السيارات”، اخبرته اني اقصد طهران، قال لي:”انت تتكلم عربي يا الله يا شيخ نتكلم عربي فابي ايراني و امي عراقية”

ربط دراجتي بالحبال باحكام بعد ان نزعت عنها كل ما يمكن ان يسقط، اسمه الحبيب، يتكلم العربية بلكنة عراقية، مرح وطريف،اخبرني أن الشاي ساخن والماء بارد وكل ذلك تحت تصرفي، اعلمني ان لا احاول الاتصال بالانترنت فهي معطلة في كل البلد نتيجة الاحتجاجات، الطريق كان طويلا فتحدثنا حول كل شيء، في السياسة والجغرافيا والتاريخ، وجدت كل المنتجات الامريكية الشهيرة متوفرة هنا رغم العقوبات وعرفت انها مقلدة كليا من طرف شركة زمزم الايرانية دون ترخيص، والشركات صاحبة العلامات التجارية كلها رفعت قضايا ضدها ولكن دون اي اهتمام ايراني، دعاني الحبيب لتناول الغداء وعلمني طريقة اكل الأرز بالفراخ حسب الطريقة الايرانية كما يقول ويعني الاكل باليدين.

كان الرجل محبا لتونس واهلها واقسم لي انه لو لم يشاهد علم تونس لما توقف، شكرته من كل قلبي ولكل المساعدة التي قدمها لي فقد سرت معه اكثر من ست ساعات عبر 500 كم، ودعته بكل الحب على أمل اللقاء يوم ما. توجهت مباشرة الي قسم الجوازات في مطار طهران

استقبلوني بكل لطف وعند التثبت قال لي العون مبتسما: “استاذ يعقوب، تاشيرتك لازالت صالحة 45 يوما بداية من يوم دخولك لايران يعني يوم 15 سبتمبر، اما تاريخ 25 سبتمبر فذلك اخر يوم يحق لك الدخول فيه للبلد”، سالني عن اكلي ومبيتي فشرحت له طريقتي في السفر، قال لي بصفتي أمني فلا انصحك بالمبيت وسط طهران وعرض علي المبيت بحديقة المطار، قلت له ذلك ممنوع، ابتسم وقال: لي لا تهتم وانصب خيمتك، عرضوا علي التخييم بجانب الدورية وطلب اي شيء احتاج له من شحن او اكل او اي شيء، قدموا لي العشاء، عشاء رائع جدا ولا ينقصه شيء،

قمت صباحا وبدأت في تفكيك خيمتي فمنعوني من الانطلاق الا بعد الافطار معهم، كان افطارا صحيا ورائعا ويتكون من الخبز التركي والجبنة والشاي.

شكرتهم على حفاوتهم وانطلقت عند الساعة التاسعة نحو وسط طهران، اردت معرفة ما يروج عن وجود مظاهرات أو احتجاجات، لم الاحظ شيئا يستدعي الانتباه، الحياة تسير بنسق عادي، الحركة كثيفة، قد تكون الاحتجاجات في مناطق اخرى. توقفت لاكثر من ساعتين امام احد اهم واشهر المعالم السياحية في طهران على الاطلاق، انه برج ازادي، كلمة ازادي بالفارسية تعني الحرية و تاتي شهرة هذا البرج بسبب وقوعة في قلب العاصمة وتحديدا في ميدان يحمل نفس الاسم ميدان ازادي.

بالساحة العديد من المناطق الخضراء تحتوي مقاعدا وحنفيات بماء بارد، كان مناسبا للقيلولة والراحة قبل استئناف الرحلة، استلقيت على العشب وحاولت الاتصال باصدقائي. الانترنت متوقفة منذ الصباح نهائيا وان عادت فهي ضعيفة جدا. وجدت بطهران مظاهر متطورة جدا مثل هذا الممر المعلق وصعوده اليا

وجدت انواعا من التمور الايرانية الخاصة بهم ويطلقون عليها نفس الاسم “رطب”

ما يميز ايران وجود كل المنتجات العالمية ولكن كلها مقلدة وايرانية الصنع وبجودة عالية

عند الساعة الثالثة بعد الزوال قررت الخروج من طهران في اتجاه قم التي تبعد عنها 135 كم، بعد 25 كم تراءى لي مركب تجاري كبير ملاصق لمحطة بنزين قررت التوقف فيه للعشاء والمبيت، عند وصولي توقفت الانترنات بشكل تام عن البلاد فلا تطبيقة الترجمة تعمل ولا gps اضافة لوسائل التواصل الاجتماعي.

يتبع …

بقلم
سمير بن يعقوب دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران. ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.