دورة شاملة في تعلم اليوجا – مفاهيم عامة

أول ما نبدأ به الدورة هو تعريف اليوجا، وهو الأساس في الدورة التعليمية هذه ككل، فأنت لن تتعلم شيئا تجهل حقيقته، وهنا أود طرح سؤالي الاول عليك: أريد منك وبصراحة أن تعرف لي اليوجا، وذلك دون الرجوع لمحركات البحث او الكتب الالكترونية او المواقع المختصة، فقط انطلاقا من دماغك هذا الذي تحمله، أجب على أبسط سؤال: ما هي اليوجا؟
لماذا سكت؟ أليس سؤالا بسيطا جدا؟ عرف اليوجا؟
أمم … أأ …. اليوجا هي …..
لماذا تصمت وتهمهم؟
لا …. لا اعرف بدقة
حسنا جدا، أجبت، لا تعرف بدقة، أعرف هذا وأنت غير ملام في هذا، فغيرك بالآلاف ولا يعرفون، قد يحبها محبوها ويمارسها ممارسوها وهم يجهلون تعريفها، وكل منظروها العرب لم يقدموا الجواب الشافي عن أبسط سؤال يطرح وهم يعلمون الشعب الكريم أبجديات اليوجا، ولكن لماذا أقول هذا وتعريفات اليوجا تملأ الآفاق، بل هي الدواء لكل داء، سواء كان المرض عضويا أو نفسيا، وأنا نفسي لم أعرف الجواب الفعلي والحاسم لليوجا الا بعد أن قطعت أشواطا في تعلمها وممارستها وأصبحت معلما صغيرا لها، وكان لمعلمي العربي المسلم كما يقول بعض الشجاعة ليقدمه في آخر دورته التعليمية والتي أعترف انها أفادتني دون ان أدرك ولكن في مسائل اخرى بعيدة عن اليوجا، سوف أعطيك الجواب وأكمل لك الدورة، فقط أريدك صبورا معي للآخر وبودي أن أطرح عليك سؤالا بسيطا آخر: كلمة يوجا Yoga لماذا بقيت مجردة دون تعريب؟ يعني التفت حيث ما يمكن أن يسرح بصرك، كل شيء له إسم تعريف عربي الا القليل والنادر ومن ضمنها اليوجا، لماذا صمدت اليوجا دون تعريب وبقيت هكذا، او الأصح لماذا لم يعربوها؟ وهل كان عدم تعريبها متعمدا؟
سوف أقدم تعريفي لها ولكن بعد ان أقدم  لك بعض تعريفات اليوجا، عربية وأجنبية، سآخذ بعضها فقط ليظهر لك جليا تناقض تعريف اليوجا وسأشرح لماذا هذا التناقض، جرب أن تضع في محرك بحثك تعريف اليوجا، ستجد نتيجتين لا ثالث لهما:
– حديث ببغائي منقولا في عشرات ومئات المواقع بنفس الكلام وبنفس المعنى
– دراسات تبدو جادة ولكن لو دققت فيها لوجدت اختلافا رهيبا في التعريف فقط وليس في باقي الكلام.
إليك بعض التعريفات:
مثال 1:
من ضمن الكثير من المراجع لدي، عشوائيا أخذت كتابا من اصدار عربي، كتعريف لليوجا، اقتطف منه ما يلي: “علم اليوجا هو علم منبثق من المعرفة الهندية القديمة، أما كلمة يوجا فهي كلمة من اللغة السنسكريتية وتعني الاتحاد بين الجسم والعقل والاتصال بالاله …”، هذه الجملة هي الطاغية عربيا في تعريف اليوجا، وحول أقصى درجات التطور في اليوجا يقول:” نياما: وهي فضائل تتطور تلقائيا عند الوصول الى حالة اليوجا وهي النقاء والرضا والتقشف والبحث والتكرس لله.”
مثال 2:
بحث مطول حول طريقة ممارسة اليوجا اقتطف منه ما يهمنا:
“هل اليوجا فلسفة؟ لا
هل اليوجا دين؟ لا
هل تحتوي على سر خفي روحاني مغناطيسي او بوذي كما يقال عنها؟ لا ابدا
فما هي اليوجا؟ حالة عقلية يجب الوصول اليها فهي طريقة السلوك ويسلكها المرء بهدوء وكفاءة في كل عمل من أعماله اليومية وهي طريقة التخلص من الاضطرابات العصبية … .”
مثال 3:
“اليوجا هي رياضية جسمية عقلية تهدف للكمال …… ”
مثال 4:
نظريا هو المعتمد، تعريفها من خلال موسوعة ويكيبيديا، الموسوعة الحرة: “يوجا هي كلمة سنسكريتية، معناها الحرفي “التوحيد”، يوجا هو إسم عام يطلق على أي نظام عقلي– بدني متكامل يعزز التجربة الروحية ويؤدي الى إتحاد روح الفرد بالروح الكونية”، “في الهندوسية تهدف اليوجا الى إدراك النفس وإدراك الله وهو شيء قابل للتبادل …”
حسنا جدا، أكتفي بهذا القدر، هل توضح التعريف لديك؟ هل أخذت فكرة ضافية عن التعريف وأخذت فكرة واضحة عن مفهومها؟ ألم تجد التعريف بسيطا جدا ولا يحمل تأويلا أو غموضا، ألم تجد المعاني بسيطة جدا ومفهومة ولا تتطلب كلاما كثيرا؟
أجبت نعم … التعريف واضح جدا.
إذا قلت نعم توضح وأصبح جليا، يؤسفني إعلامك إذا أنك مازلت لم تفهم شيئا، وأن ضبابية الكلمات أغرتك وأفسدت كل مفاهيمك، “الاتحاد بين الجسم والعقل والاتصال بالاله”، “حالة اليوجا هي النقاء والرضا والتقشف والبحث والتكرس لله “، “نظام عقلي – بدني متكامل يعزز التجربة الروحية ويؤدي الى اتحاد روح الفرد بالروح الكونية”، ألم تسأل نفسك: ما هي الروح الكونية؟ ما معنى الاتصال؟ ماذا يقصدون بالنقاء والتقشف؟ وهكذا، الجملة التالية: “حالة عقلية يجب الوصول اليها فهي طريقة السلوك ويسلكها المرء بهدوء وكفاءة في كل عمل من اعماله اليومية”، ما هي هذه الحالة؟ وهي تصحب كل شؤون الحياة وكل حركة للشخص اليوجي؟، هل تجد التعريفات منطقية ام ضبابية؟ هنالك نصيحة أقدمها لك، إذا تحدث اليك شخص بكلام مثل الروح الكونية او التراث الانساني او مصطلحات فضفاضة كالديمقراطية الثورية او علم الباطن غير المرئي او الطاقة المطلقة، فتأكد ان هذا الشخص يراوغ ولا يصدقك الحديث، لأنه يدور حول أصل الموضوع ولا يدخل الموضوع أصلا، “إتحاد روح الفرد مع الروح الكونية”، هل فهمت هذا المعنى؟ لا أظن وأستبعد أنك قاربت من فهمه؟ هذا الغموض المبهم هو أساس نجاح الكثير من النظريات والأفكار التي يسوقها أصحابها في مكان ليس مكانها الصحيح لتنمو، لا تمل ارجوك من كثرة كلامي ودوراني حول الأمر وكأننا حيال قضية مصيرية، وهي بالفعل قضية مصيرية، فكونك استثمرت وقتك وجهدك لقراءة هذه السلسلة ولديك الرغبة في تعلم اليوجا على أصولها الصحيحة وكونك قبلت بي ولو ضمن تجربة لاكون لك معلما لهذه الأصول فلا بد لك من الإنصات إلي وبصبر وهذا ليس طلبا ولكنه إجبارا لك ورغما عنك، لا بد أن تنصت ولو لم ترد ذلك فأول واجبات تلميذ اليوجا إذا أراد تعلمها هو الطاعة العمياء لمعلمه وبالتالي إجبارك على البقاء معي لهذه اللحظة يعتبر جزءا أساسيا في أولى خطوات تعلم اليوجا بل واجب وفرض لازم لتعلمها، قبلت التحدي ومازلت مصمما على تعلم اليوجا، حسنا جدا، نواصل إذا والأمر لن يطول بإذن الله تعالى، لم يتبق لي في هذا الدرس الأول والخاص باختلاف تعريفات اليوجا سوى الإجابة عن سؤال واحد وبعده اقدم لك زبدة حديثي كله حول التعريف.
لو أعطاك أحد أصدقائك السياسيين ورقة وطلب منك التحديد الصادق للجواب:
اين تريد ان تكون بالضبط ضمن العالمين المذكورين
1 – العالم الحالي والذي تحكمه امريكا وفق مصلحتها الكبرى
2 – العالم الحر
الأمر بديهي جدا، فأنت وهذا أغلب الظن ستحدد العالم الثاني، فيكفيك استعبادا والعالم الحر سيكفل لك ذلك خصوصا وأن رغبتك في تعلم اليوجا تعطيني إحساسا قويا في أنك تريد أن تتحرر، أنا لن اقول لك جوابك خاطئ أم لا ولكن أقول لك أن العالم الثاني والأول يحملان نفس المدلول، ولكن الثاني هو المعنى المبهم للأول والمسوق ثقافيا والموجه للإستهلاك الشعبي، تقول لي وما علاقة هذا بتعريف اليوجا؟ بالطبع له كل العلاقة، فتعريف اليوجا يجب أن يبقى غامضا ومبهما وفضفاضا من أجل تسويقها على أوسع نطاق، وكلمة يوجا هي المسوقة إعلاميا وتجاريا، فهنالك الكثير من الأسماء لليوجا ولكن الكل متشبث بهذا الاسم لأنه يمثل الملاذ أمام كل رفض أو نقد.
أراك تتململ قلقا، وتقول وإلى متى يا سيدي نبقى في النظري، نريد دخول مرحلة التطبيق وبداية الدورة التطبيقية وهنا أطمئنك أن كل هذه المقدمات الطويلة إنتهت الآن وسندخل الدورة حاليا بشكل سليم وواضح.
قدمت إليك التعريفات المختلفة لليوجا ومن أكثر من مصدر ولو بحثت اكثر عن تعريفها ستجده تقريبا نفس الكلام وبأساليب مختلفة، إذا سأبدأ بتعريفي البسيط لليوجا ثم نمر بسرعة للعملي وقد تقول لي لماذا كل هذا ولم أدخل مباشرة للب التعريف، ببساطة لأني أسعى من خلال هذا لأن تحيط بكل جوانب الموضوع، أريدك أستاذا في اليوجا وليس مجرد تلميذ تعرف شيئا وتغيب عنك أشياء، لا أريدك ورقة بيضاء تملأ باي كلام، ولا أريد أن تقف مثل غيرك في طابور الاستبلاه العالمي، ولا أحب أن أراك مثل ذلك الذي اشترى القرد ليضحك منه بائعه…
إذا سأعتبر أنك استوعبت التعريف العام لليوجا وتم قبوله من طرفك ورغم ما يظهر من اختلافات في التعريف فهي تصب في هدف واحد هو تعليمك القدرة على تطوير شخصيتك والسمو بروحك والانسجام الكلي مع الروح الكونية.

تدوينات دورة تعلم اليوجا

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.