أهم خمس أشياء تندم عنها قبل الموت (1)

لكل منا نقاط مؤثرة في حياته ونقاط مغيرة ونقاط محفزة ونقاط محبطة، لكل منا تجارب بسيطة او كبيرة ساهمت في تعديل بوصلة حياته، هنالك تأثيرات تصحبنا من الصغر وهنالك أحداث تقع تغير حياتنا كليا بعد ذلك، تصادف احيانا شخصية بارزة لتجد نجاحها سببه قصة بسيطة ساقها القدر امامها يوما ما، قرأت تلخيص كتاب “بروني وير”، هذا التلخيص أثر عميقا في نفسي وغير في الكثير دون سعي كبير مني لفعل ذلك، كان الكتاب يحمل حكمة الحياة ذاتها ويجيب بشكل غير مباشر عن اقوى واكبر سؤال تعيش حوله، أنت الان حي، وماذا بعد؟؟؟؟، الكتاب بعنوان “The Top Five Regrets of the Dying” والنسخة العربية بعنوان “أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت”، هي خمسة لا غير ولكنها تضرب نفوسنا عميقا وفي الصميم واجدها تنطبق علينا كليا وكأن الكاتبة تتحدث عنا وبالتفصيل الممل أيضا، تعاستنا وفشلنا وبؤسنا وقلقنا وعدم رضانا وكل بلاوي حياتنا نابعة من الخوف، خوف متأصل في نفسيتنا أثر فينا وحدد طريقنا وسرنا ضمنه ونحن نلعن الوقت والارض والوطن والظروف والحقيقة المرة أننا نحن المسؤولون أولا وخيرا عن هذا الاختيار.

“بروني وير” ممرضة استرالية، عملت لمدة 12 سنة مع مرضى في أيامهم الأخيرة من الحياة بعد عجز الطب عن مساعدتهم ليواصلوا، ضمن هذه السنوات كانت على اتصال دائم بهم وسألتهم سؤالا محددا: ما اكثر شيء ندموا عنه طيلة حياتهم  الطويلة هذه؟، واختارت اهم خمس إجابات لتنشرها في مقالة نجحت نجاحا رهيبا مما جعلها تعيد نشرها في كتاب يحمل نفس الاسم الذي ذكرته سابقا،وسأذكر هنا الاجابة الاولى واتبعها بالاجابات الاخرى، الكتاب ناقشه الكثيرون ولكن وجدت الجميع اعاد نفس الصياغة كالالة الطابعة دون ربط بواقعنا نحن وهذا ما سوف اسعى لتحقيقه هنا. اهم شيء ندم عنه الراحلون كان التالي:

1 –  تمنيت لو ملكت الشجاعة لأعيش الحياة التي أردتها لنفسي، لا تلك التي أرادها الآخرون لي

هذه أهم نقطة ندم عنها الراحلون أو من سيرحلون قريبا، هذه سبب أكثر بلاوينا وتعاستنا، أكثر المستجوبين ندموا كثيرا لأنهم افتقدوا الشجاعة اللازمة والضرورية ليكونون كما أرادوا أن يكونوا، أغلبنا للأسف يعيش وفق إرادة غيره بغير ارادته او بارادته، وساقدم أمثلة بسيطة من حياتنا توضح ذلك، نسبة كبيرة من الأسر تتدخل في الاختيارات الدراسية لأبنائها والابن (أو الابنة) يقبل بهذا الخيار ليجر هذا الحال مشاكلا كثيرة وكبيرة بعد ذلك في إتباع دراسة لا يحبها ولا يعشقها مما يؤدي في حالات كثيرة لفشل دراسي ، نسبة كبيرة أيضا تتدخل في اختيار الزوجة او الزوج وهذه الحالة منتشرة عربيا بشكل كبير رغم انها تقلصت عن ذي قبل، حتى الهواية والتي هي نابعة من عمق النفس البشرية نتدخل فيها فيكون الغناء مكروها والموسيقى حراما والرسم به والنحت عليه وهكذا للكثير من الهوايات والتي يمكنها اضفاء ابعاد اخرى لحياتنا تزيدها مرحا وسعادة، كثرة السفر للاكتشاف هو ترف زائد وهواة الترحال ليس لهم هدف الا اضاعة الوقت والمال معا، الاناقة الكبيرة فساد كبير وتكبر، الكثير من شبابنا يسكن بعد زواجه مع اهله او قريبا منهم بدعوى الحفاظ على الترابط الاسري رغم انه يريد الاستقلالية، قبول الخطأ من الاخوة على حساب اعصابه ونفسيته حفاظا على اخوة مغشوشة، يعشق اكل الدجاج ولا ياكله في البيت لان اخته فلانة او والده يكره اكله فيحرم نفسه من سعادة رمزية حتى في اكله، يهوى التصوير الفوتوغرافي ويحبه ويتابع افلاما تتحدث عنه ولكنه يعجز عن الامساك بالة التصرير ليلتقط صورا امام مرأى الناس المحدقة به في قريته الصغيرة، يحضر حفل زفاف قريبه وتعجبه نغمة راقصة فيعجز عن المشاركة في الرقص والاستمتاع بدقائق مسروقة من الزمن لان رقصه ذاك ينقص من هيبته امام الناس، اما اذا كان معلما او استاذا فتلك الطامة الكبرى فكل خطوة يخطوها توزن بالميزان فيجب ان يكون قدوة لمن يعلمهم والرقص والمرح مثلا مسموح لهم وعيب ان ياتيه او يفكر فيه، ، يتزوج ولا يرزقه الله بطفل فيعجز عن تربية يتيم في بيته ويجعله كولده لان نظرة الاهل والمجتمع غير لطيفة تجاه هذا التصرف ويحرم نفسه في ان يكون أبا او أن تكون المرأه أما مراعاة لمجتمع لم يرحمهما أبدا ولم يحل لهما أهم مشكل يواجهانها، وهكذا تنبع أغلب مشاكلنا المسببة لتعاستنا، نحن نعيش في جلباب غيرنا ونهتم كثيرا بنظرة الناس إلينا ونخجل من فعل ما نعشق، حتى لو كان عاديا وشرعيا ولا يعيب، نحن جبناء جدا في مواجهة واقعنا ولذلك يكون اغلب البشر فرسانا وراء الشاشة وابقى مستغربا جدا من كلام ينبع من اشخاص لا احس بوجودهم اصلا في العالم الواقعي، هذا الاحظه دائما فأغلب المنظرين لدينا للاصلاح والتقدم والتطور هم اكثر الناس انكماشا وانغلاقا واكثرهم عقدا ولا اكاد اشاهدهم في الشارع يوما للتغيير او للمساهمة في تغيير شيء بسيط مهما كان حتى لو كان تحسين منظر شارع بسيط في قرية صغيرة.
لا تهتم براي الناس في ما تحب وما تعشق، في ما تريد أن تلبس، في ما تحب أن تأكل، في اهدافك مهما كانت، أكيد لك أهداف تراها رائعة وترجو بلوغها، صمم لتحققها حتى لو عارضك العالم واستهزأ بك هذا العالم فعندما تغادر سوف تغادر وحدك وهذا العالم لن يحزن عليك يوما ولن يؤجل فرحه بسبب رحيلك دقيقة واحدة فعش حياتك كما تريد فكل دقيقة تمر هي خسارة من عمرك فعشها بسعادة كما تريد وليس كما يريد اهلك او جيرانك او اهل قريتك، فلو اراد كل الناس ان يروك طبيبا كبيرا وأنت تريد ان تكون صياد سمك صغير في نهر صغير بقرية بسيطة فكن ذلك الصيادا ولا تندم فسعادتك لك وحدك وتعاستك انت من يعانيها دون مشاركة أحد. عش كما تريد حتى لا تحس بندم ثقيل ومرير – بعد ان تتجاوز الخمسين او الستين او حتى المائة – من اجل خيار كنت تريد السير فيه وأجلته او الغيته مراعاة لزيد او عمرو فزيد وعمرو عاشا حياتهما دون ان يهتما بخيارك او اختيارك، فعش كما تتمنى حتى تغادر وأنت سعيد كونك عشت حياتك بالطول والعرض متمتعا بكل ثانية فيها.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.