دورة شاملة في تعلم اليوجا – إمكانية الاباحة بعد التعديل

السؤال الذي قد تطرحه والذي ختمت به التدوينة السابقة يقول: هل يمكن تنظيف اليوجا من الممارسات الشركية حتى يمكن ممارستها؟ او السؤال: لماذا غالطتك بخصوص مسألة اليوجا المسلمة؟، هذه أسئلة مشروعة جدا ولك حق طرحها وهي اسئلة وجيهة فعلا، أنا لم اغالطك ولكن سايرت الكلام الذي تسمعه، لو رفضت آليا ما سمعته عن اليوجا من مدربيها فسوف أفشل من أول سطر معك ولكن الآن ضمنت على الأقل وصول الكلام اليك، أنا لن أقول لك رغم صحة ما سأقوله أن اليوجا فتنة فلا تكفر ولكن أريد عدم رؤيتك غبيا ضمن طابور الأغبياء، هنالك الكثيرون يقولون ان هذه التي تكلمت عنها ليست اليوجا وحركاتها ليست عشرة بل يمكن ان تكون 108 او 84000 حركة، وفيها نوع لا يتطلب الا القيام بخمسة تمارين يوميا مثل الصلوات الخمس بل ان التمرين يشبه حركات صلاتنا، ومن الانواع يوجا العبادة وهذه نتفق في رفضها ولكن هنالك يوجا العمل ويوجا الاطفال ويوجا الضحك ويوجا المرأة وعشرات المدارس لليوجا فلماذا حصرتها في هذه؟ كل هذا الكلام يطرح بل أزيدك ان هنالك انواع منها  أقرب للاسلام منها للهندوسية وان المتصوفة هم امتداد لها وهنالك من الكتاب من يفتخر سعيدا في أن اليوجا تحتوي كثيرا من الأفكار الإسلامية فكرا وحركة وهذا يؤدي حقيقة في جعل الاسلام العظيم نسخة مشوهة لها باعتبار أن اليوجا أقدم من الإسلام.
قد يحتج البعض في أن هنالك اناس مسلمون ومؤمنون يمارسون شكلا آخر من اليوجا غير يوجا الحركات العشرة التي تحدثت عنها وهي رائعة فعلا وليس فيها هذه الاصوات الوثنية، ببساطة تلك ليست يوجا، تلك تجارة باسم اليوجا، ولكن إذا كانت اليوجا كما أصف، لماذا نجحت وانتشرت كل هذا الانتشار وممارسوها بالملايين؟ الأمر بسيط جدا، هي عبادة لهذه الملايين مثلها مثل ما تقوم به أنت من صلاة وهم لا يعقدون الأمر بل قد لا يسمعون أيضا أننا نتكالب لتعلمها، هم في أغلبهم أناس بسطاء، لهم أسلوبهم وعبادتهم وأشياء تنبع من أصل إيمانهم بمعتقداتهم، أما انتشارها في الغرب فهو نجاح تجاري وهنالك دائما افكار متطرفة تجد صداها لدى اكثر الشعوب تطورا ، لكن هذا عن الغرب ومن المفترض اننا نختلف عنهم ولا نعيش هذا الفراغ الروحي المزعوم فلماذا تجد اليوجا ومثيلاتها ارضية ممتازة للنمو لدينا؟،الامر اصبح عاديا أيضا، فهم غربا ولكن للاسف نحن لم نعد شرقا، فقد ضعنا بين الغرب والشرق، فلا تطورنا ماديا وفكريا لنصبح الغرب المتحضر ولا عدنا لاصولنا لنصبح شرقا متحضرا، نحن كالغراب الذي قلد مشية الحمامة فاضاع مشيته.
هنالك من يحتج بحسن النية محتجا كونه لا يأخذ من اليوجا الا الحركات الرياضية وأسلوب التأمل والتنفس فقط، لا أصوات ولا صورة الشمس في الجدار ولا هم يحزنون، هنا يجب الاجابة عن سؤالين بسيطين جدا، لن اقول قالت الآية كذا أو الحديث كذا، فطالما هنالك الرغبة الصادقة في تعلم اليوجا فأسلوب الحديث الديني الصرف لا يكون منطقيا ولا يستقيم، سؤالي الاول لمن يحتج كونه مسلما ويصلي ويصوم ويطبق شعار دينه: أنت مسلم، عظيم جدا، لماذا تطبق كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في الامتناع عن الصلاة صبحا مثلا في تلك الفترة الوجيزة من شروق الشمس؟، ستقول لي امتناعا عن اتباع سنة عباد الشمس فهم يسجدون لها عندها، هنا اسألك ألست منافقا عندما تطبق كلام الرسول صلى الله عليه وسلم لمدة عشر دقائق وتعصيه أربع وعشرين ساعة بالسجود للشمس طيلة هذا الوقت؟ الرسول يعلم أننا نسجد لرب العالمين وقتها ومع ذلك نهانا وأنت تطبق حرفيا هذه الصلوات للشمس عشرات المرات يوميا وتقول هذه حركات فقط.
سؤالي الثاني: ذهبت لفيتنام مثلا، و ضعت في الطريق واحترت ولم يفهمك أحد وصدفة شاهدت شخصا يصلي صلاتنا، ففرحت واطمأن قلبك وألهمك تفكيرك أن هذا المسلم سيساعدك لأنك من دينه، اقتربت منه وقلت له يا أخي المسلم ساعدني، فقال لك: أنت مخطئ ، فأنا لست مسلما ولكن تعجبني هذه الحركات الرياضية التي تسمونها صلاة فأردت ممارستها خصوصا وقد قرأت أنها تفيد العمود الفقري وتنشط الدورة الدموية، ما رأيك؟ كن صادقا ولا تتحرج، ما موقفك من نفسك وليس منه؟
دورتي قاربت على الإنتهاء، ولكن كرهت أن تخرج وأنت صفر اليدين، بعد أن كنت رائعا في إقبالك على تعلم اليوجا، ترجع للمنزل مكسور الخاطر ولكن هذا لا يرضيني، وأراك التفت قائلا: يكفيني من كلامك، ودورانك حول الاشياء، يكفي ما قلت لي، فهذه اليوجا وقد كرهتها نفسي، فماذا ستحبب الي بعدها؟ بالطبع لن أحبب لك شيئا ولكن ببساطة شديدة سأحاول إعطائك بديل اليوجا، لن أقول يوجتنا فليس هنالك شيء اسمه يوجا سوى الشعائر والمعتقدات والحركات التي يمارسها الهندوس تقربا للشمس وأرواح أربابهم من بني البشر الذين اصبحوا خالدين باستعمال اليوجا، بديل اليوجا كما فهمته وكما يفهمه كل مسلم سوي دون بهرج إعلامي ولا كلام مبهم ولا سفسطة لغوية تدخلك من الباب ولكن لا تخرجك من الشباك بل تجعلك أسير وهم كبير تعيشه إسمه اليوجا.
يوجتنا غير موجودة ولكن اليوجا الاصلية موجودة لكنها موجودة لأهلها وليست لنا، وكل ما تراه من كلام حول اليوجا هو في الحقيقة نسخ مشوهة أو متطورة لها، تماما مثل رؤيتك لنسخ برامج الحاسوب، هذا يصلح لهذا وهذا لذاك، صنفوها لعشرات الأنواع وفيها ما يبرمج لك خصيصا إنطلاقا من حالتك الصحية والنفسية مما يجعل التكلم عنها كعلم أو كحقيقة ثابتة عبثا لا يستقيم والمشكلة أننا نحن دخلنا لعبتها وتابعت دعايات كثيرة لها والكل يتكلم عنها كونها المخلص الرائع لجميع مشاكلنا النفسية والجسدية، ورغم كل ما يقال عنها، فمصطلح اليوجا الأصلي هو ما تحدثت عنه في ما سبق، ونحن أمام تحد أننا نريد تحقيق ما تحققه اليوجا دون أن نمارسها هي في حد ذاتها، وأراك تقول لي هل هذه الآلاف المؤلفة من المسلمين في ضلال حسب رايك؟ أنا لن أفتي بضلال الناس ولكنهم صنفوا أنفسهم ضمن أغبياء هذا العالم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، أعرف أنهم أناس إما متعبين فعلا أو مترفين جدا والحالتان تؤديان للرغبة في تعلم اليوجا، وأنا أقر أن أكثرهم يمارسون رياضة اليوجا دون أن يعرفوا أصلا ما هي اليوجا، وهم فعلا يمارسون شيئا يعطيك تناسقا جسميا وراحة نفسية هم يحتاجونها أو لديهم الإحساس لذلك وأنت أيضا تريدها وأكذب عليك لو قلت أني أنا أيضا لا أريدها، وكل العالم يريد ان يكون مرتاحا نفسيا وصحيا، لكن هنالك سؤال يبرز هنا ومجبر على الاجابة عنه، السؤال يقول: فكرة اليوجا أرجعتها لطقوس وثنية ولكن هل أنكر المنافع التي تعطيها لممارسها والراحة النفسية التي تهديها له وهل ما نراه من حركات أو أشياء قد تكون خارقة من وحي الخيال؟ جوابي لا طبعا، لم ولن أنكر بل أزيد بأن من اليوجيين الكبار من لديه براعات تستطيع أن تصفها بالخارقة، مثل التحكم في الألم او حرارة الجسم او برودته أو تحريك شيء جامد باشارة من عينيه، اليوجي يستطيع فعل هذه الأشياء نعم، ولكن لم يفعلها باليوجا، ما تراه خوارقا هي حالة مرتبطة بالكثير من الناس، مهما كان دين الشخص يهوديا او مسيحيا او مسلما، أو مجوسيا أو وثنيا أو لا يؤمن بالله أصلا، هذه مواهب ربانية أودعها الله فينا، وقلة قليلة من تدركها، وهذه الحالات منتشرة شرقا وغربا دون أن يكون للأمر علاقة باليوجا أو بغيرها، ولهذا نشاهد تصرفات من أناس عاديين نحتار فيها ولا نجد لها تفسيرا، هذا الكلام أقوله لتعرف أن مسألة صلاحية اليوجا للإنسان شيء خاطئ وأن ما تعطيه اليوجا من منافع (رغم عدم الاثبات العلمي لهذه المنافع) هي منافع تعطيها كل حضارة لمتبعيها عبر سنين أو قرونا من تطورها، هو ليس امتيازا بأي شكل من الأشكال، ولدينا لا يخضع ما أعطينا للتجربة والخطأ، ولا للتعديل ولا للإضافة، كان برنامجا متكاملا يغنيك عن آلاف “اليوجات”، حتى لو إلتقت يوجا الهندوس وحكمة الصين وكل أفكار اليونانيين لن تقدم عشر ما قدم لنا، ولكننا عميا وصما ونجري دائما وراء السراب.

تدوينات دورة تعلم اليوجا

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.