ريادة الاعمال للأطفال

كيف تجعل طفلك عبقريا؟ تجارب واقعية (4)

خيارات التعلم المطروحة امام الاسرة تنوعت وتشعبت لدرجة ان العائلة قد تحتار في اختيار المنهج المناسب لأبنائها، وعبر كل ما اكتب ادعو دائما للاخذ بالبساطة في كل شيء، وقبل ان اواصل بقية نقاط التجربة اردت ان اطلعكم على خيار قد يطرح عليكم يوما ما.

ريادة الاعمال للأطفال
ريادة الاعمال للأطفال

كنت منذ مدة طويلة مهتم بميدان ريادة الاعمال، وهذا المصطلح أصبح مصطلحا طاغيا في العالم العربي، رغم ان اغلب من يتكلم فيه اقرب للببغاء من تفكير انسان عاقل، ومما زاد الطين بله مئات الكتب المترجمة عن ريادة الاعمال والتي جعلت انشاء شركتك الخاصة كنزهة في يوم ربيعي مشمس، الغرب اهتم بتعليم ريادة الاعمال حتى للصغار، فليس اجمل من تعليم اي شيء للطفل من صغره، ولديهم تجاربا كثيرة في هذا المجال الحيوي،  زد على ذلك فهنالك تجاربا عربية في تعليم الاطفال هذه الريادة من خلال نشاطات عائلية، هنالك مثلا عائلة تجارية مشهورة تخصص يوما معينا وياتي كل طفل لديها ببضاعته ويعرضها امام العائلة الموسعة فيتعلم ابجديات التجارة منذ نعومة اظفاره، أنا اعجبت جدا بهذا التمشي وقررت تعليم ابني الصغير هذا الامر فأنا لست تاجرا، واعترف اني اردته ان يكون ممارسا للعملية المالية من صغره، ويفتح دماغه ليكون عكس والده في هذا المجال، بالطبع انا لا اريده تاجرا من سوق الى سوق ولكن صاحب مؤسسة اقتصادية تضيف شيئا مهما وتأخذ مكانها في تطور البلد.

الا ترى مثلي أن هذه الفكرة رائعة ومميزة؟؟؟ اكيد ان الفكرة أعجبتك وقلت فعلا هي من ابرز الافكار التي سوف القنها لابني او ابنتي …

تعمدت تخصيص موضوعا قائم الذات لهذه التجربة فقط لأنها مهمة جدا، فالاغلبية من العرب تطمح لتحسين مستواها المالي، واغلبنا يرى في المنحى التجاري قارب النجاة الاكبر، ولذلك فتصوري أن هنالك الكثير ممن يقرأ لديه هذا التوجه، وتجربة تعليم الاطفال ريادة الاعمال قد يكون من أجمل التجارب على الاطلاق واكثرها منفعة للطفل واسرته على حد السواء،

لكن،  اعلمك ان هذه التجربة تمثل أقسى التجارب وأنها الأتعس من كل التجارب التي مارستها ولها نتائجا كارثية بامتياز … قد يكون الكلام صدمك خصوصا لو كنت مهتما بريادة الاعمال، ولكن تلك هي النتيجة التي وصلت اليها للاسف، ولكن لماذا اقول هذا؟؟؟ اليك جوابي ….

قبل العيد، كان ابن اخي يقوم بتجارة بسيطة تخص توفير لعب الاطفال بالقرية، قلت هذه فرصة جيدة ليتعلم ابني التجارة بشكل عملي، وسارت الامور عادية جدا، بدأ إبني يتاجر حصة صباحية وحصة مسائية والربح مناصفة بينه وبين ابن عمه، فرحت في الايام الاولى رغم ان ابني يعود منهكا في المساء، مع الوقت تحول ابني الصغير لوحش باتم معنى الكلمة، كل شيء يوزن بالمال، كل حركة يجب ان يكون وراءها ربحا، كل دقيقة في المنزل اجده فيها منكبا على احتساب ما جمع وطرح راس المال وتحديد الربح الصافي، كانت اياما احسست فيها بفقدان ذلك الملاك الطاهر  الذي تحول لالة مالية لا تعرف شيئا الا عد الاوراق المالية ، عرفت وقتها أن مسوقي ريادة الاعمال نقلوا الينا وجها واحدا للعملة وليس الوجهين لنختار، وزاد اقتناعي بشدة ان نقل تجارب الاخرين حرفيا ودون ادراك اخطر من تركنا هكذا دون معرفة، ولكن بمنطق التجارة …يجب ان تدار الامور هكذا، يتاجرون بكل شيء، بالمال والعقول، بالمعدات والافكار ونحن نهلل ونصفق لكل سلعة بضاعة كانت او فكرة، نصفق ونهلل للحاسوب والسيارة ونصفق ايضا لليوجا والريكي وعلم الالوان وقانون الجذب وعلم الوخز بالابر وفي الحقيقة نحن لا نمثل الا بيادقا تحرك من خلف الستار ونحن نظن اننا نحسن صنعا.

سألت خبيرا في ميدان ريادة الاعمال عن الحال التي اصبح عليها ابني، فقال لي ذلك ضروري نتيجة الانبهار الاولي ويجب توجيهه ليكون رياديا متخلقا، احسست ان الامر خطير فعلا وحساس ويتجاوز مسالة المراقبة، وهنالك دقة شديدة في التعامل مع الامر، من خلال كل ما درست عن ريادة الاعمال لم ادرس الا النزر القليل الخاص بالاطفال، بل هذه المعالجة اصلا قد تكون منقوصة لان من يهتم بهذا المجال هم المهتمون بميدان البطالة والتشغيل والاطفال بعيدين جدا عن هذا، وجدت أن الحل الامثل هو التوقف عن هذه التجربة، فلا تستقيم ابدا البراءة مع تعلم التجارة وانه من الخطأ سريان المال الكثير في يد طفل صغير، فاذا كان الكبير يصعق فما بالك بالصغير، الطفل يجب ان يعيش طفولته ولكل مرحلة تعليمها وحرق المراحل قد يحرق الطفل كليا، وصادف وقتها مرور ابن جار لي بنفس التجربة، فقد بدأ يساعد اخوته في التجارة، ثم اصبحت توكل اليه مهمة البيع خلال العطل، فقد كان تلميذا ذكيا ومجتهدا، والنتيجة التي حدثت بعد سنوات قليلة، هي كرهه للدراسة وانقطاعه عنها كليا وحاليا اراه يجري وراء المال بكل سرعته، لدرجة انه اصبح يتاجر في الممنوع، فاغلب الاسر تربط الدراسة والتعلم بجني المال وكون المال أتى فالدراسة أصبحت من الترف الذي يمكن التخلي عنه وببساطة.

قد تكون تجربتي خاطئة باعتبار نتيجتها، وقد يكون هنالك من يريد اصلا هذه النتيجة، ولكن وجدت الامر صعبا جدا في المحافظة على ملائكية الطفل وفي نفس الوقت امتلاكه ابجديات التجارة.

*****

بعد وصولي لهذه النقطة، قلت لابحث قليلا عن ريادة الاعمال للاطفال عربيا، وفعلا وكما توقعت، وجدت بحوثا ومواضيعا وبرامجا خلاقة سوف تدفعك دفعا لوضع طفلك فوق كتفيك والجري به ركضا اليها والا سيضيع نصف عمره وعمرك … قمة التسويق والابهار مثلا، منشور اشهاري يقول: نحن لا نصنع تاجرا ليبيع، بل نصنع رجل اعمال للمستقبل، يفكر، يبتكر، يمتلك، يدير … وكأنهم قدموا حلول بطالة الكبار ليهتموا بالصغار، ينظرون بكل شيء وحول اي شيء وما يهم هو كم يوجد في محفظتك.

******

تحديث يوم 24 / 08  2017

بعد مشاركة هذه التدوينة في مجموعة تهتم بتعليم الاطفال جاء تعليق مهم من عضوة محترمة … التعليق يقول:

“صباح الخير سيدي الكريم، نجاح هذه التجربة قد يكون امرا نسبيا يختلف من شخص الى اخر من منطلق تجربتي الشخصية اقول لك أن هذه التجربة كانت ناجحة مع اخي،  اذ دفعته الظروف الاجتماعية ان يشتغل منذ سن 7 فكان يوازن بين دراسته وتلك التجارة البسيطة التي تحولت الى غرام كبير بالعمل حتى أصبح اليوم مديرا لإحدى الشركات الصغرى بعد أن تحصل على بكالوريا اقتصاد وتصرف الاول على مستوى الولاية واكمل دراسته الجامعية بنجاح ولو لا تلك الحصيلة من المال التي جمعها في صغره لما استطعت انا إكمال مشواري الدراسي ….  عذرا على الإطالة فقط أردت مشاركتك تجربتي البسيطة”

ردي على الاخت:

تدخلك ممتاز جدا جدا وليس هنالك اية اطالة، بالعكس هذا هو المطلوب من اي مشاركة او نشر هنا فليس فينا من يدعي الكمال واي تجربة هي في النهاية قابلة للنجاح والخطأ، فقط بقي لي ملاحظة في ان تجربة اخوك الرائع ليست “ريادة اعمال” بالمعنى المتحدث عنه، اخوك انطلق من بيئته ليصنع نفسه، هي تجربة كفاح احييه عليها وارفع له القبعة احتراما … ما اقصده من موضوعي هو تعليم الطفل التجارة ليكون “راسماليا” في المستقبل دون حاجة للمال، هو اسلوب اصبح يسوق له حاليا بدعوى تعليم الطفل الاعتماد على النفس ولكن ما يسوق هو وجه واحد للعملة وليس الجانبين، تعليم ريادة الاعمال للاطفال دون وجود بيئة كاملة للحماية هو تقليد اعمى لبرامج اعدت لغيرنا للاسف ونحن نقلناها دون ادراك ودون اضافة او تنقيح … كما قلت لك تجربة اخيك منطلقة من بيئة فرضت ذلك وهنالك ارادة ليكون العمل وسيلة لاهداف اخرى وليس العمل هو الهدف في حد ذاته … ما قصدته هو ريادة الاعمال بالمعنى المسوق له اما تجربة اخوك فهي تجربة تحكى لينسج على منوالها وانا نفسي دخلت اعمالا صغيرة في الصغر للتقدم قليلا في سلم الدراسة … شكرا لك مرة اخرى

. . . . . . . . . . . . . .

في انتظار بقية نقاط التجربة اترككم في حفظ الله ورعايته

*****

مجموعة  خاصة بالتجربة

قمت بعد نشر المواضيع وتفاعل الاصدقاء معها بنشر مجموعة باسم “كيف تجعل طفلك عبقريا ومميزا دراسيا” … ارجو منكم جميعا الانضمام اليها لنتعاون سويا في النهضة باطفالنا.

***********

صفحة العبقري الصغير على الفايس بوك … يسعدني اعجابك بها

قناتي على اليوتيوب …. يشرفني اشتراكك

حسابي الشخصي على الفايس بوك

تعليق واحد
  1. مرفت السنجيدي يقول

    السلام عليكم فكرتك رائعة سيدى ولكن لو احببت ان تدربه على التجارة ليكون راسمالى في المستقبل فعلمه كيف ينتج بنفسه العمل كتاهيل له وكيف يشتري ادوات العمل ويحسب التكلفة ويضيف تكلفة الجهد والوقت ايضا ومع التشجيع يبيع منتجاته وتدر ربحا ليتوسع فيه هنا ضربت عصفورين بحجر واحد

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.