التنوع البيئي … الدرع الرابع في حماية الارض

مرت الارض في خمس مناسبات كبرى بكوارث مدمرة وقاتلة في شكل آفات طبيعية ضخمة، وفي كل جائحة منها تنقرض انواع كثيرة من النباتات والحيوانات على حد السواء، وبعد كل واحدة منها تستمر الحياة وتتواصل فهنالك دائما من لديه القدرة على الصمود والتاقلم مع الاوضاع الصعبة والاستمرار.

في أجواء غريبة، تمكنت الكثير من الكائنات من الحياة في اعماق المحيط أو في الكهوف ذات الهواء السام وفي تلك الظروف الصعبة تمكنت هذه الكائنات من ربط سيرورة الحياة، ويمكنك تخيل الصورة بشكل أوضح، في عمق يساوي 2000 م، وبلا ضوء، مع براكين عملاقة ترمي حممها الحمضية الملتهبة (300درجة) دون انقطاع، أين المفر والهروب من مثل هذا الحال؟، ورغم هذا فالكثير من الحيوانات (ديدان، سرطانات بحرية، أسماك، شقائق نعمان بحرية، …. ) وجدت على أطراف هذه الحمم الرهيبة، والسؤال هنا: كيف تمكنت هذه الكائنات من الصمود ومواصلة الحياة؟ تم ذلك بواسطة الجراثيم، وهي جراثيم خاصة جدا ونوعية

أولا: تتحمل هذه الجراثيم ظروفا حرارية قاسية جدا ومميتة فالحرارة دائما في حدود 100 درجة ولكن هذه النوعيات صمدت وعاشت بشكل عادي.
ثانيا: تستطيع هذه الجراثيم صنع السكر من خلال المواد الاولية للكبريت الموجود في الحمم الملتهبة السائلة ولا تصنعه باستعمال الضوء كالنباتات.
ثالثا: هذه الجراثيم أمنت لبقية الكائنات من ديدان ورخويات وغيرها الغذاء لأن هذه الاخيرة وفرت لها الطعام والاحتماء وحتى الاختباء، وهذا مثال رائع للتعاون بين المخلوقات ومن هنا تبرز اهمية التنوع البيئي في الحفاظ على كوكب الارض.

داخل الكهوف السامة:

قام باحثون بدراسة الحياة في كهف روماني قديم على عمق 20 مترا تحت الارض ومعزولا كليا عن العالم الخارجي، ومجرد دخوله يتطلب استعدادا خاصا فالجو داخله خانق بشكل كبير، فهنالك شبه انعدام للاوكسجين، غاز ثاني اوكسيد الكربون يملأ المكان بمقدار 100 مرة عن الخارج، تشبع الهواء ايضا بحمض الكبريتيك والنشادر، كان منطقيا انعدام الحياة مهما كانت في هذا المكان، ولكن الحقيقة التي اكتشفوها وجود أكثر من 50 نوعا من الكائنات الحية تعيش سعيدة في عالمها هذا (علق، عناكب، عقارب، أنواع من البق مما لا يوجد الا في مكان كهذا).

الجراثيم تمثل اولى حلقات السلسلة الغذائية للبقية، فهذه ولتعيش، عليها صنع السكر الذي تحتاجه ولتفعل يجب ان تتغذى، ومما؟؟؟ من مكونات الكبريت والميثان الموجود بكثرة في هذا المجال، وهي توفر الحياة للمحيطين بها من الكائنات الصغيرة الاخرى منذ 5 ملايين سنة والى حد الان.

مقاومة الجفاف

في الصحراء، حيث يندر وجود الماء وترتفع الحرارة لتصل لحدود 80 درجة، الكثير من الكائنات حيوانية ونباتية تاقلمت مع هذه الاوضاع القاسية، فنجد من الامثلة النباتية الصبار والذي يمتد في الارض بحثا عن الماء من خلال جذوره، فمن كل 1 متر مربع له فوق الارض له 15 تحتها، ومن الحيوانات من لديه القدرة على التقليل من استهلاك الماء كالجمل ومنها من يمتلك جلدا عازلا وفيها من يستعمل مخابئا توفر البرودة المطلوبة لعيشه

tenebrion

مصدر الصورة

بطل دون منازع

هو حيوان صغير ، يتراوح طوله بين  1 و 2 مم، من عائلة المحاريات، ويسمى دب الماء او tardigrade ، هذا الحيوان يتواجد في كل مكان، في القطب الشمالي والجنوبي، في أعماق الارض، في الهواء الطلق، في المغارات، يتحمل الحرارة العالية جدا (150 درجة) والمنخفضة جدا (- 272 درجة)، يستطيع العيش في ضغط جوي 6000 مرة اقوى من المعتاد، يتحمل اشعة اكس والاشعة فوق البنفسجية، بل يتحمل الحياة في الفراغ بالهواء، ولكن كيف يمكن هذا؟ وجد الدارسون انه يمتلك خاصية غريبة جدا فهو يمكنه افراغ جسمه كليا من الماء مما يجعله كالكرة الجافة، لا يتجمد عند نزول الحرارة ولا يغلي عند ارتفاعها، يصبح كالميت في كل الوضعيات القاسية والمميتة، وعند تحسن الجو المحيط يخرج من حالة السبات ويعود للحياة العادية.

tardigrade

 

– – – – – – –

السلام عليكم

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.