اكتشاف الطلسم – ايران على الدراجة (9)

استيقظت صباحا لأجد عديد العائلات بقربي في خيماتها فعادة التخييم منتشرة لدى الشعب الايراني وتتواجد دائما الاساسيات في صندوق السيارة.
الطريق الى قم لا زال طويلا فهي تبعد عني اكثر من 135 كم، انطلقت في طقس صيفي حار مع طريق كثيرة الحركة، في احدى الاستراحات وجدت سيارة قديمة متوقفة وتجمع حولها الناس لالتقاط الصور مع راكبيها، تعرفت على صاحبها، اسمه برنار، سويسري الجنسية، انطلق من جينيف منذ ثلاثة اشهر في رحلة على خطى الكاتب السويسري “نيكولا بوفي” الذي قام في نفس هذه السيارة FIAT 500 مودال 1947 برحلة من جينيف الي نيودلي (الهند).

انطلق برنار منذ ثلاثة اشهر في رحلته ولكن للاسف سيتوقف عند الحدود الايرانية الباكستانية بسبب سوء الوضع الامني هناك، سررت بلقائهم والتعرف على مغامرين اختاروا السيارة كوسيلة للسفر.

واصلت طريقي الصحراوي الخال من الاشجار ابحث عن مكان استظل فيه فلم اجد الا احدى اللافتات الاشهارية العملاقة، اقتربت مني اصوات لاجدها للاسبانيين لويس وصديقته ماريا الذان سبق وان قابلتهما في طهران في ساحة ازادي منذ يومين.

ماريا استاذة تعليم ابتدائي وهي في اجازة غير خالصة الاجر لإتمام رحلتها، استراحا بجانبي وتحدثنا حول برنامج كل منا في ايران وبما اننا سنسلك نفس الطريق الى قم فقد واصلنا السير معا، اقترح علي لويس الذهاب معهما فقد خططا للاقامة في برج او قلعة قديمة، وافقته مع ضرورة الاسراع للوصول قبل الظلام، سلكنا طريقا ترابيا حجريا بطول 15 كم، وصلنا الى قرية علي اباد وهي قرية يقطنها قرابة 20 عائلة في بيوت متلاصقة فكلهم اقارب ومن نفس العرش. استقبلونا بالماء البارد وعصير الليمون بالزعفران

دعونا للاقامة بينهم لكن لويس اصر على الذهاب الى القلعة فتركوا لي حرية الاختيار، كانوا لطفاء جدا وكرماء بشكل رائع، دخلنا بيوت بعضهم وتحدثنا مع المتساكنين، كانوا لطفاء جدا وكرماء بشكل أخاذ.

وكانت لي جلسات مع كبار السن فانا عاشق لهؤلاء تماما كعشقي لمجالس الاطفال.،

قصدنا القلعة لاكتشافها وتبدو من بعيد قديمة جدا ..

كانت تشهد عمليات ترميم لسورها الخارجي اما في الداخل فلم يتبقى منها الا بعض البيوت يستغلها سكان القرية لخزن التبن.

صعدنا لسطحها ومكثنا فوق سقف احد بيوتها لنبصر الحركة في القرية والمزارع المتاخمة لها ونترقب غروب الشمس فهو مشهد جميل جدا ورائع. اعدت ماريا العشاء معقرونة بعد ان خيرتني بينها وبين الارز، نصبنا خيماتنا في ساحة القلعة وسط سكون لا نسمع فيه الا الصراصير في مكان معزول عن شبكة الهاتف والانترنات، تناولنا العشاء معا، سهرنا، بعد ان ذهبا للنوم قمت بغسل ادباشي والاستحمام بماء صهريج يتبع اشغال الترميم، كان يوما مليئا باللقاءات وتبادل الافكار والتجارب مع اناس جمعهم حب المغامرة.

نصبت خيمتي بعيدا عنهما حتى لا أزعجهما بشخيري فاكتشفت أن شخير لويس يفوق شخيري ببعض الدرجات من الديسيبال، استيقظنا مع اشعة الشمس الاولى، اعدت ماريا حليبا ساخنا مع المكسرات وتكفلت أنا بتقشير الرمان وقطع التفاح الذي اهدانا ياه اهالي القرية.
انطلقنا الساعة السابعة صباحا سالكين نفس الطريق الترابي الصخري حتى وصلنا الطريق السريعة المتجهة لمدينة قم، قدنا دراجاتنا بسرعة قبل ارتفاع درجة الحرارة فالطريق منبسطة وسهلة، وجهة لويس و ماريا مدينة كاشان التي تبعد 120 كلم اما انا فساكتفي بالوصول الى قم التي تبعد قرابة 50 كم، قبل الوصول الى قم ببضع كيلومترات تنتشر على جانب الطريق مطابخ وموائد افطار متباعدة للعابرين واختلفت مكوناتها، هذة توزع الماء البارد المعطر وعصير الليمون بالزعفران والشاي و الاخرى توزع حساء العدس.

كل هذا يقدم للزوار مجانا ومن اهداء اصحاب الخير، كنا نتوقف للشرب والاستراحة ولتناول صحفة او اثنتين من شربة العدس فهي لذيذة جدا ونملأ قواريرنا بالماء البارد وعصير الليمون.

وصلنا مدخل قم فوجدنا موائدا اخرى وقيل لنا ان هذه الموائد متوفرة في كافة المدينة، ودعت اصدقائي الاسبان وتمنيت لهما رحلة طيبة ورحلتهما ستتواصل لثلاث سنوات اخرى، بدأت البحث عن احسن حديقة عمومية من حيث المرافق والهدوء للمبيت، الجميع رشح لي حديقة تقع في طرف المدينة، قصدتها فوجدتها حديقة جميلة مجهزة بمنصات اسمنتية حتى تتمكن العائلات من الاستراحة والتخييم كما تحتوي مجموعة صحية وحنفيات للاغتسال وغسل الاواني مع انتشار مشاوي لاستعمالها عند الحاجة.

نصبت خيمتي وخرجت باحثا عن مطعم قريب للعشاء، وجدت مطعما يحترم التقاليد الايرانية من حيث طريقة تقديم الطعام ولباس العاملات، عند رجوعي الي خيمتي وجدت ورقة صغيرة موضوعة امامها مكتوبة بالانقليزية، تمعنت فيها لاجدها تحتوي ترحيبا بي ودعوة لزيارة بعض الاماكن التي تستحق الزيارة في قم.

يتبع …
بقلم
سمير بن يعقوب دراج رحالة تونسي ، اضافة الى زيارة كل المناطق التونسية عبر كل الجزائر والمغرب والاردن ومصر وتركيا وإيران. ينشر كل نشاطه على صفحته بالفايس بوك.

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.