ماذا قدمت الى هذا العالم (4)

سجلت في مدرسة فرنسية بتونس لاتعلم لغة البرمجة  “بازيك” بالمراسلة قبل كل هذا الانتشار الواسع للانترنت، وقتها كانت الـ”بازيك” في قمة شهرتها، كانت مجلة ” Science & Vie” تنشر في كل عدد ابتكارا طريفا يصنع في المنزل بادوات بسيطة وتنشر ايضا برنامجا متكاملا بلغة “بازيك” وكنت أنفذ هذا البرنامج  بكتابته كله وتسجيله لارى نتيجته على شاشة الحاسوب، في منتصف الدراسة تعطل الحاسوب البسيط جدا لدي والذي اطبق من خلاله كل الدروس  ولم يشفى من سقطته تلك لتبقى البازيك مركونة في رف خزانتي الصغيرة حتى تجاوزتها البرمجة واصبحت نسختي تلك جديرة بالمتحف، عندما توقفت عن متابعة الدروس أرسلوا لي كل المتبقي من الدروس في ظرف واحد واتصفح كتبها حاليا كذكرى مميزة من زمن ولى وانتهى.


منذ صغري، كنت مغرما بتجارب الفيزياء والكيمياء المسلية ومسائل الرياضيات المسلية ايضا، كنت اهوى الرياضيات كهوايتي للمطالعة وتحصلت على اعداد من مجلات مختصة في الرياضيات المسلية من جمعيات فرنسية مهتمة بالمجال وكم كنت اعجب واتعجب من هؤلاء الذين يرسلون العلم مجانا لمن يطلبه وتحدثت سابقا عن تعاملي مع جمعيات فرنسية خاصة بتربية الماعز الحلوب وكيف أنهم جعلوني عضوا شرفيا معهم وارسلوا لي كل مطبوعاتهم التطبيقية ليبقى سؤال اصحاب نظرية المؤامرة دون جواب وهو ما مصلحة جمعية فرنسية في ان تمد عربيا مسلما وفي قرية نائية في جنوب تونس بما يطلب من علم مجانا ولحد باب منزله؟، كنت اعشق ما تحتوي الطبيعة من نباتات صغيرة وحشرات بسيطة تملأ الارض جيئة وذهابا، غرامي بالطبيعة والتجارب العلمية المسلية والرياضيات المسلية ومطالعاتي المنتظمة لمجلة Science & Vie  و  Science & Vie Junior و Science & Vie Découvertes   وهي مجلة علمية للاطفال وعشقي لتبسيط العلوم جعلني أنشر سعيدا موقعا على الشبكة باسم “العبقري الصغير” بدأ في مساحة مجانية حولته بعد ذلك لمساحة مدفوعة بشركة اجنبية، اشتهر الموقع حتى ظهر في برنامج بالجزيرة اطفال وبدأت تصلني عشرات الرسائل يوميا من مناطق عدة من العالم، حولته بعد ذلك للاستضافة بشركة تونسية وكنت سعيدا بها ليس لانها امنة او شهيرة ولكن لعدم قدرتي على تحويل المال الى الخارج، كنت انشر بانتظام وبدا الموقع يأخذ مكانه الرائع في ترتيب المواقع وبدأ يعرف شيئا فشيئا وبعد عمل فاق ثمانية اشهر بنسق نشر ممتاز واصبح مع ارشيفه السابق يمثل موقعا علميا رائعا ومحترما، ثم وذات يوم اختفى الموقع كليا، كأنه لم يكن، بعد التثبت عرفت ان الشركة افلست وعوض تحمل المسؤولية  هرب صاحبها وترك الكل يتخبط، جوجل قادني الى صاحبها الهارب وعوض ان اشتكيه تناسيته وحاولت أن اسامحه فمتابعتي له قضائيا لن اربح منها الا مزيدا من الخسائر المادية فلا هو قادر على دفعها ولا انا قادر على متابعة طريق المحاكمات الطويل والمرهق، ضاعت كل محتويات الموقع الجديدة كليا واختفت شهرته وكانه لم يكن يوما في الشبكة، ضاع زواره  الذين يعدون بالالاف وقتها، كانت تلك من أكبر الضربات التي يتلقاها اي صاحب موقع يحس انه يقدم شيئا مفيدا للعالم وقررت اعادته من الصفر وأعدته بمساعدة كبيرة وأساسية من  اخ وصديق مغربي رائع وهو الذي رعاه تقنيا من بدايته المدفوعة والى حد الساعة دون اي مقابل مادي بل دفع من ماله الخاص لقاء استضافته في البداية، ورغم اني لم التقيه يوما ولكني احس انه كالأخ واقعيا وليس افتراضيا، الطيبون يملؤون هذه الدنيا أينما سرنا وأعمال الخير ستجد من يساندها دون انتظار اي مقابل مادي، واذكر هنا أني نشرت مرة اعلانا صغيرا في منتدى أطلب كاتبا معي لقاء مبلغ مالي عن كل موضوع فتدخل مدون رائع ونشر اكثر من 100 تدوينة ورفض أن يتقاضى ولو دينارا واحدا لقاء مجهوده.
ما الذي قدمته للعالم هنا؟، مدونة تحتوي مئات المواضيع العلمية للاطفال وللكبار ايضا، عشرات المواضيع العلمية والتي قمت بترجمتها من ارقى المجلات العلمية الفرنسية بشكل مبسط ليكون مفهوما للجميع، تنوع الموقع كثيرا منذ انطلاقته ليحتوي تجاربا مهنية تطبيقية في شكل سلاسل تعليمية تساعد من يريد ان يشق طريقه نحو غد افضل، يحتوي افكارا تربوية وتعليمية للأسرة العربية وخصوصا الريفية منها ممن توجد في مناطق تفتقر لأي وسائل دعم للاطفال، يحتوي تجاربا حياتية تحوصل محصلة اجيال كاملة لنتجاوز الماضي وما فيه وباذن الله يتطور ليكون بصمة رائعة في المحتوى العربي على الانترنت.

*****

سلسلة ماذا قدمت لهذا العالم؟

1 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟ – مقدمة

2 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟  (2)

3 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟ (3)

4 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟ (4)

5 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟ (5)

6 – ماذا قدمت الى هذا العالم ؟ (6)

يتبع

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.