كيف تجعل طفلك عبقريا؟ تجارب واقعية (2)

في الحياة العادية البسيطة يمكن ان تقدم لطفلك مساعدات رائعة لا تدرك قيمتها لانها تظهر لنا بسيطة جدا وبديهية للغاية، بل تستغرب كيف يمكن ادراجها ضمن الطرق المساعدة لنمو الطفل العقلي، نحن في لا شعورنا ربطنا قيمة الشيء بثمنه او كبره او ضخامته.

قضيت في فترة ما مدة طويلة في مطالعة الاساليب الحديثة في تربية الطفل، اعتمدت على الكتب المترجمة، هي فعلا غنية جدا ولكن اكثرها جرى في بيئة غير بيئتنا، أذكر مرة بدأت تطبيق توصيات كتاب امريكي لمعالجة السلوك المعوج لدى طفلي، لنفرض ان طفلك الصغير سبك وشتمك علنا وبشكل مباشر، الحل التطبيقي وفق الكتاب أن تجلسه امامك وتطلب منه أن يسبك، لماذا؟ لأن السب او الشتيمة هي في الاساس سلاح فعال لدى الطفل يوجهه لك او الى الام في حالة الغضب، عندما تطلب منه سبك فانت افقدت السلاح هذا قيمته، ومع الوقت سوف يرفض سبك حتى لو طلبت منه ذلك، حسنا أنا الاب وفي جنوب تونس اطبق هذه الطريقة أمام والدي الشيخ الكبير رحمه الله لاصلاح ابني، النتيجة غضب شديد من والدي حتى كاد يغمي عليه وكان يردد هائجا … “يا رسول الله، يا رسول الله، تطلب منه سبك وشتيمتك وتقول لي نربي … يا رسول الله، تحب البشر يخرج من عقله”، هذه عينة بسيطة جدا من وضعية التربية المختلفة التي نحن بصددها، نفس الشيء حتى عربيا، قد تحبط أحيانا لو اردت اتباع نصائح معينة، أذكر مرة اني كنت اتابع حصة تلفزيونية تعجبني في الاهتمام بالاطفال، يومها كان محور الحلقة عن كيفية تحبيب طفلك في مجال فني معين وأخذ المختص وقتها هواية التصوير الفوتوغرافي كمثال وكنت اعشق هذا الفن (كهواية طبعا وليس احترافا)، فرحت جدا للامر وقررت تطبيق ما سيقوله المختص، هو طلب من العائلة توفير كذا وكذا معدات، ثمنها ليس كبيرا ابدا فهي لا تتجاوز 4000 دولارا فبهذه المعدات الرائعة سوف أوفر لابنائي بيئة خلاقة ورائعة لابراز مواهبهم الفنية، حسبتها وقتها، ووجدت اني لو جمعت كل جرايتي ولم انفق منها شيئا  حتى للاكل فلن استطيع شراء المعدات ولو بعد سنة (بعد مدة اشتريت آلة تصوير عادية بثمن لا يتجاوز 30 دولارا … وانجزت بها ما لا يمكن تصوره وكل الفيديوهات او الصور التي سوف ادرجها تم من خلالها).

مع الوقت وجدت ان الامر اصبح اعتباطيا جدا، وان لهثي وراء هذا اصبح مضيعة للوقت رغم انه ليس بالضرورة كذلك، فهنالك فوائد جمة من تلك الكتب ومن تلك البرمج ولكن بعد غربلتها، أخذت الامور ببساطة كبيرة لاتبع منهجي الذي اعطيتكم مقدمته.

في الحياة اليومية العادية تستطيع ان تعلم طفلك كما كبيرا ويستفيد من معلومات جمة وانت سعيد كونك تمارس حياتك كما هي دون تكلف او اتعاب اضافية، ففي الصباح وعند الافطار، كان اطفالي قبل الاكل يعدون الكؤوس ويصنفوها بين بلور وبلاستيك، بين كبير وصغير، بين ابيض واحمر، فالاواني فوق الطاولة تختلف كثيرا، حجما ولونا، وكل له دوره، أنت بدماغك هذا الكبير سوف تقول وماذا في هذا؟؟؟ هذه الامور معروفة، ولكن الحقيقة انها معروفة لديك فقط اما طفلك فيجهلها ولن يعرفها الا بعد سنوات عندما يدرس في المدرسة الحجم والوزن واللون، الفارق هنا أنك ستسبق غيرك بسنوات في تعليم أطفالك هذه الاشياء، هذه السنوات ستخلق فارقا لن تعرفه الا بعد أن يكبر اطفالك ويكونون في المدرسة، وقتها أطفال الجيران سوف يقضون سنة كاملة ليعرفوا الفرق بين “أكبر واصغر”، أو بين “تحت فوق” أو بين”هذا للاكل وهذا للشرب” وقس على هذا عشرات المحاور المنطقية الاخرى، ماذا انفقت هنا كأب أو أم من مال او وقت في تعليم أطفالك هذه المسائل؟؟؟؟ لا شيء أبدا،  فهي تأخذ فقط مجالا بسيطا من الوقت عند الافطار.

ماذا يحتوي الشارع: (سيارة، دراجة نارية، دراجة هوائية، حاوية قمامة، الطريق معبد، قط يتمطط، معدات حماية للمارة، شاحنة كبيرة، شرطي، صيدلية، دكان لمجة خفيفة، … وهنالك عشرات الاشياء الجامدة والمتحركة الاخرى …) اليس كذلك؟؟؟؟، هل يعرف طفلك هذه الاشياء التي ذكرتها؟؟؟ كلكم او الاغلبية سوف يقول نعم وبالصوت العالي، ولكن يؤسفني ان اقول لكم أن جوابكم لدى اكثركم خاطئ، لماذا؟ ساقول لك ماذا يعرف  طفلك بالضبط من الاشياء التي ذكرتها (واتبعها مرتبة):(كرهبة، موبيلات، بسكلات، بوبالة، الطريق مزفت، قطوس يتكسل، بريار، كميون، بوليس، فرماسي، كسكروتاجي) .. الكلمات هذه هي معاني الاولى باللهجة التونسية بالجنوب والتي يتعلمها اطفالي واطفال منطقتي واطفالك سيتعلمون لهجتكم المختلفة كليا عن حقيقتها فلدينا مثلا اغلب الكلمات كلمات فرنسية معربة، وعندما يدخل الطفل المدرسة سوف يكون صفرا في المعلومات العامة لانه لم يعرف شيئا ابدا بشكل صحيح، هل اقنعتك هنا ام لا؟؟؟

عندما اصطحب ابنتي الصغيرة في الشارع، لا أبقى صامت كالصنم، ولكن اتكلم دائما … انظري يا ابنتي تلك سيارة، هذا قط، هذه نسميها بالونة، وهكذا .. بشكل عادي دون تكرار كبير ودون ملل ادخل لدماغها معلومات جديدة يوميا، بالطبع هذا الامر يتكرر دائما، سواء معي او مع الام، مع الوقت ومع مر الايام والشهور سوف تنطبع تلك المصطلحات الجديدة لتصبح قديمة وبديهية لديها، افعل نفس الشيء مع ابنك او ابنتك، وعندما يصبح طفلك يعرف كل شيء بالعربية الفصحى وهو في سنته الاولى ابتدائي يكون ابن الجيران متأخرا جدا عنه وذلك من خلال هذه الطريقة البسيطة جدا وغير المكلفة لا وقتا ولا مالا.

calcul
هذه الدرج العادية في الشارع هي وسيلة جيدة في تعليم الحساب المبسط

تطلع الدرج عادي كل يوم، في بيتك، في العمارة، في الشارع، أنا مثلا عندي درج تؤدي الى السطح، فمنزلي صغير ونحتاج لفضاء السطح، وماذا بعد؟؟؟ الدرج استغلها لتعليم بعض الحساب المبسط لاطفالي، دائما تتبعني ابنتي او ابني لاي شأن في السطح، هذا الصعود لا يمر الا 1، 2، 3، 4، …. 20 درجة، عند النزول كذلك، بالطبع لا اقوم بهذا الامر كل طلعة والا سيتحول الى مسالة مملة، ولكن صدقني مع الوقت ومر الشهور ستكتشف تحولا كبيرا في الحساب البسيط لطفلك، هذا يتكرر ايضا مع الاواني والملاعق والمخدات والصحون والاقلام والمناديل واي شيء في منزلك هو في الاصل قابل للعد  ولديه اسما صحيحا يختلف عن المنطوق في جهتك وهذا الاسم الجديد هو ما سيحدد مستوى طفلك في المدرسة بعد سنوات…

إعدادك للخبز فرصة ليتعلم طفلك دروسا مهمة
إعدادك للخبز فرصة ليتعلم طفلك دروسا مهمة

في كل ركن في البيت هنالك ما يمد طفلك بمعلومات جديدة يوميا، والمشكل البسيط جدا والكبير جدا في نفس الوقت انك ترى هذه الموجودات حولك عادية عكس طفلك، فعندما تعدين كأم الخبز المنزلي مثلا، وتحضرين عجينة الدقيق، الامر عادي جدا وبسيط وتفعلينه امام طفلك بشكل يومي، ولكن فاتك أنه بامكانك أن تعلميه مصطلح “لين” و”صلب” والفرق بينهما، فهذا اللين والصلب هو محور قائم الذات في برنامج الايقاظ العلمي لطفلك في المدرسة الابتدائية ويكبر هذا اللين والصلب ليصبح محورا قائم الذات في التعليم الثانوي في مادة علوم الحياة والارض، تصوري لو ادرك الفارق وعرف الامر من الصغر معك في المنزل … هل سيجد طفلك صعوبة مع مثل هذه المصطلحات عندما يكبر؟؟؟؟

مثال آخر اقدمه لك … شاهد هذا الفيديو البسيط … ليس فيه شيء، مجرد طفل يغطس في الماء والاب يعد الثواني، ولكنه مدخل ليعرف الطفل معنى الثانية وطولها ومعناها اصلا، الثانية والدقيقة والساعة سوف يدرسها في المدرسة بعد سنوات من دخوله ولكن معرفته بها مبكرا سوف يخلق الفارق وهذا ما اقصده (على فكرة هذا ابني الثالث في ضيعتي الصغيرة)

هذه جملة بسيطة من الامثلة، وغيرها تعد بالعشرات، ببساطة ودون تكلفة وبشكل عادي تمد طفلك بمعلومات رائعة تنمي مهاراته وتطور ذهنه وتفتح دماغه لما هو اكبر .. شاهد وشاهدي منزلك ومحيطك وسوف تستنبط عشرات الافكار البسيطة التي تعمل مع غيرها طبعا في جعل طفلك عبقريا … وغيرها هذه سوف ابسطها لكم في موضوع قادم ان شاء الله تعالى.

*****

مجموعة  خاصة بالتجربة

قمت بعد نشر المواضيع وتفاعل الاصدقاء معها بنشر مجموعة باسم “كيف تجعل طفلك عبقريا ومميزا دراسيا” … ارجو منكم جميعا الانضمام اليها لنتعاون سويا في النهضة باطفالنا.

***********

صفحة العبقري الصغير على الفايس بوك … يسعدني اعجابك بها

قناتي على اليوتيوب …. يشرفني اشتراكك

حسابي الشخصي على الفايس بوك

*****

الرجاء من قارئ الموضوع الدعاء بهذا الدعاء لمن تسبب في نشره:”اللهم اجعل ثواب ما قرأت لروح عامر بن عبيد وارحمه برحمتك واجعل الجنة مثواه.آمين” 

2 تعليقات
  1. mervet يقول

    اكثر من رائع سيدى

  2. Sihem يقول

    اكتشفت مدونتكم مصادفة
    و انا الان بصدد قراءة مواضيعها
    و انا اجدها رائعة
    شكرا لمقاسمتنا تجربتك …جوزيت خيرا سيدي
    ستكون لي مشاركة لاحقة بعد اتمام كافة المواضيع
    ارجوا ان تواصلوا الى النهاية
    نحن في انتظار جديدكم

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.