الباب الخلفي لبرامجك المفضلة

منذ سنوات، وخلال نشري لتدوينة حول تربية الماعز الحلوب، أدرجت صورة لآلة تستعمل في “تجبين” الحليب، وضعت كلمة البحث في جوجل وأخذت الصورة التي وجدتها تناسب الموضوع ونشرتها سعيدا بموضوعي الجديد، كانت المدونة باللغة العربية ومجانية على منصة بلوجر، بعد مدة ليست بالطويلة وجدت تعليقا باللغة الفرنسية يخص محور تحويل الحليب، كان التعليق باللغة الفرنسية، قرأت التعليق باهتمام ففاجأني فعلا، كان التعليق كما يلي: “أنا فلان الفلاني (فرنسي الجنسية طبعا)، لم أفهم موضوعك هذا ولكنك أدرجت صورة تخصني وأملك حقوق ملكيتها ولك حل من ثلاثة حلول: إما أن تضع إسمي تحت الصورة كوني صاحبها أو تمسحها أو بيني وبينك القضاء، أعترف أن الامر فاجأني جدا جدا، فلأول مرة أصطدم بعائق يسمى “الحقوق الفكرية”، كنت أسمع به طبعا ولكن لم يخطر ببالي يوما أن يهددني شخص بالمحكمة من أجل صورة كنت اظنها أبسط من البساطة، قلت له:”والله لا اعرف هذا الذي تحكيه يا رجل وبسيطة الحكاية”، وضعت إسمه بالبنط العريض تحت الصورة مع شكره شكرا طويلا، قبل تلك الفترة كنت قد قمت بتلخيص كتاب فرنسي لأضع زبدة ما فيه مجانا أمام الشعب الكريم ليكون زادا علميا هاما أمام من يريد دخول تجربة تربية الماعز الحلوب، وضعت التلخيص في ملف “بي دي أف” ونشرته فخفت ان يشتكيني المؤلف بدعوى السطو على حقه الفكري فحذفته ولكن الاخوة العرب وبدعوى منفعة العالم بالعلم النافع رفعوا الملف الاصلي في مواقعهم ورفضوا حذفه رغم طلبي وكأني لم أكن موجودا أبدا بل لم يصلني ولا رد حول طلبي،فرحت بعدها لما إستشرت خبيرا في تلخيص كتب الغرب حيث أخبرني أن التلخيص لا يعني السطو الفكري وقوانين الحقوق الفكرية تختلف من دولة إلى أخرى، فمثلا حسب أمريكا أنا وهو سارقان وبوضوح تام.

بدأت بعد ذلك أقرأ عن مسألة الحقوق الفكرية هذه وإنضممت لمنتدى عربي رائع إسمه “منتديات الامل” وهو أجمل وأرقى منتدى أنضم إليه في فترة إزدهار المنتديات (هو الأول والأخير من نوعه في دنيا العرب على ما أظن) هذا المنتدى يحارب المحتوى العربي المنسوخ والمكرر والمسروق والبرامج المقرصنة وأصبحت أخا وصديقا حميما لصاحبه المغربي الذي فتح عيني ولأول مرة على البرامج المجانية ومفتوحة المصدر وأنها البديل الأنظف للبرامج التجارية أو المقرصنة، كان الفضل كبيرا لهذا الرجل في اكتشافي عالما نظيفا ورائعا وكنت لا اعرف عنه شيئا قبل ذلك الوقت، في البداية كنت محتارا جدا في “كيف سأكتب نصوصي بدون الوورد” ولكني فعلتها عندما بدأت أستعمل برنامجا لتحرير النصوص مجاني ومفتوح المصدر ومسحت الوورد، عرفت وقتها لماذا لا نبدع شيئا عربيا بعشرات البرامج المقرصنة والتي يقدر ثمنها بالملايين حتى يصبح داخل الحاسوب عشرات البرامج التي لا ندري لماذا ثبتناها أصلا، أذكر أني كنت أحذق بشكل جيد تحرير الصور بالفوتوشوب، وأحذق جيدا تحرير الفيديو ببرنامج مقرصن، وأعدل صياغة الفيديو والصور ببرنامج مقرصن، وأكتب ببرنامج مقرصن، بل وصلت لتطويع برنامج مقرصن لصنع إسطوانات ذاتية الإقلاع لأنجز برامجا تعليمية للاطفال، أحمي الجهاز بـ “أنتي فيروس” مقرصن وسعيت لمنفعة خلق الله برفع إسطوانات تعليمية للأطفال وأذكر أن إحداها حملت أكثر من 6000 مرة، إسطوانة أنجزها أصحابها لبيعها وإبداع إسطوانات أخرى فآتي أنا وأرفعها مجانا للتحميل مع شكر المئات لرفعي هذا الذي ينشر العلم النافع ودعوات بالمئات أيضا تدخلني الجنة سريعا كوني أضرب إحتكار العلم، كنت أحمل عشرات الكتب الرائعة واعيد رفعها لأشاركها العالم سعيدا بنشر العلم لمنفعة خلق الله رغم أن أول صفحة من كل كتاب تقول “لا يسمح إعادة إصدار هذا الكتاب أو نقله في أي شكل أو واسطة، سواء أكانت إلكترونية أو ميكانيكية، بما في ذلك التصوير بالنسخ (فوتوكوبي) أو التسجيل أو التخزين والاسترجاع دون إذن خطي من الناشر”،  هذا منع صريح من دار النشر وقال صراحة ان ما نفعله سرقة ومع ذلك نسرق، بالطبع سيظهر عشرين ألف رأي يخالفني بدعوى أن الكتاب غالي الثمن أو غير متوفر أو أو … ورغم أن كل ذلك صحيح لكنه لا يبرر أن أقرصن الكتاب أو أرفعه وبعد ذلك نستغرب لماذا لا يوجد تأليف كبير للكتب عربيا، بالطبع ليس هذا هو السبب وحده ولكنه من جملة الأسباب، أنا لست مطالبا بحل مشكل العالم ولكن على مستوى شخصي يجب أن أقف هنا، لا تحميل ولا رفع  للبرامج المقرصنة ولا رفع للكتب المسروقة. أكاد أجزم أن نسبة 99 في المائة تستعمل الووورد والفوتوشوب والبوربونت وكل منتجات ميكروسوفت ولم تدفع فيها مليما واحدا، كلنا نستعمل هذا عادي جدا وكأنه ملك “السيد الوالد” ولو طلب مرة من أحدنا شراء الوورد او أي برنامج تجاري لأغمي عليه غضبا، أنا الغيت تقريبا 90 في المائة مما كنت أستعمل سابقا وحتى إستعمالي للوندووز مسألة وقت لو أحياني الله فأعترف أني وجدت صعوبة في فهم “الأوبنتو” وهو نظام تشغيل مجاني ومفتوح المصدر وعندما تثبته تصبح كلمة  فيروسات مجرد كلمة لا تعني شيئا فليس هنالك تصميم لفيروس موجه لبرنامج متغير يوميا، تحصلت على نسخة أصلية لنظام اوبنتو وكنت سعيدا جدا بها عندما وصلتني لحد باب منزلي قادمة من أمريكا رأسا، هنالك حركة عالمية نشيطة جدا لتوفير برامج مجانية ومفتوحة المصدر لتكون في أيدي الفقراء من الناس ليبدعو بها، بالطبع عربيا لا ندرك ولا نفهم هذا لأنه ليس لدينا مشكلا في الحصول على أي برنامج مهما كان نوعه او توجهه وكم هوجمت بشدة عندما قلت أن ما نستعمله حرام شرعا لأننا نسرق مجهود غيرنا والموضوع طويل جدا هنا والمنشور لا يحتمل طولا اكبر، مرة اخرى يفسر غيري الحالة بنظرية المؤامرة والا ما مصلحة منظمة برامج حرة ومفتوحة المصدر في ان ترسل لي نسخة من اوبنتو مجانا لتصلني حتى قريتي الصغيرة بجنوب تونس، اذا كان قطارنا نحن قد انطلق منذ زمن فقطار اطفالكم مازال في بداية انطلاقه فلا تجملوا لهم المقرصن والمسروق والمنسوخ فكلها حرام وزيادة على حرميتها فهي تعطل الابداع عربيا واسلاميا وتمنع أي محاولة لاي مبدع او عالم لينتج شيئا مفيدا لهذه الامة  فما دام سيقضي سنوات ليبدع برنامجا مفيدا ويدفع من ماله ليخرج الى النور ثم يأتي فاعل خير صنديد ليرفع ذلك البرنامج مجانا أمام الشعب الكريم، وما دام هنالك كاتب يقضي سنينا من عمره يبحث ويغوص في أمهات الكتب والمراجع لينشر كتابا يبتغي من ثمنه إعالة اسرته او استغلال ربحه لانتاج كتاب آخر فيأتي فاعل خير ويرفع ذلك الكتاب للتحميل المجاني وفي يوم وليلة ينتشر الكتاب مجانا في كل ركن عربي وكل متحصل عليه يدعو لرافعه بجزيل الاجر وان هذا الرفع سيكون عظيما في ميزان حسناته يوم القيامة، هل يمكن لهذا الكاتب او غيره ابداع كتاب آخر؟. رفعت كثيرا من الكتب وفق منطق خاطئ وحتى موقعي هذا يحتوي مرفوعات قديمة تعطلت اغلب روابط تحميلها والحمد لله على ذلك كما اني اصبحت أتحرى في مصادر الصور والمواضيع حتى أعطي لكل مجتهد حقه.
توجيه اطفالنا نحو طريق سليم هو من أوكد مهامنا ونظافة البداية البسيطة أفضل الف مرة من انجازات وهمية نظنها إبداعا لا يقارن وهي مختلطة بكل بلاوي السرقة والاستيلاء على حقوق الناس بالباطل.

التعليقات مغلقة.